يقترب دونالد ترامب من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري له في مواجهة هيلاري كلينتون، التي ضمنت ترشيح الحزب الديموقراطي. فبعد انتصاره الكاسح في خمس ولايات الثلثاء الماضي [كانيتكيت، رود أيلاند، ديلاوير، ميريلاند، بنسلفانيا] بات في حاجة الى خمسين في المئة من الاصوات، لن يكون من المستحيل ان يحصل عليها، لتصير الظاهرة “الترامبية” الفظة حقيقة مقلقة، من شأنها تهشيم صورة الحزب الجمهوري حتى اذا لم يفز بالرئاسة، وتخريب علاقة أميركا مع العالم اكثر مما خربها باراك أوباما اذا وصل ترامب الى البيت الابيض!
منذ بداية الجولات الانتخابية استمع الاميركيون الى خطابه الفظ والمتهور والذي يصنع من الأعداء أكثر مما يكسب من الاصدقاء، وبالنسبة الى الخارج نجح سريعاً في اكتساب صورة سلبية بسبب العداء الذي يفيض به حيال المهاجرين من أميركا اللاتينية الذين اتهمهم بسرقة وظائف الاميركيين وحيال العرب والمسلمين الذين اعتبرهم ارهابيين!
أخطر من ترامب ظاهرة الاميركيين الذين أيدوه وأوصلوه الى هنا، وليس خافياً ان صورة سكين الإرهابي جون وهي تحزّ عنق الصحافي الاميركي جيمس فولي التي تترسخ في وجدان الاميركيين، تحركت لمصلحته فذهب بعيداً في تعميم الكراهية، ليتجاوز “داعش” و”القاعدة” ويسحب عداءه ليشمل كل العرب والمسلمين الذين سبق له ان قال إنه سيمنعهم من دخول أميركا.
الآن بدأ ترامب محاولة تعديل مفرداته والخطاب الاخير الذي القاه كان مكتوباً بهدف إلتزامه الإنضباط والإبتعاد عن الغوغائية والديماغوجية، لكنه طوال أربعين دقيقة تحدث عن سياسات أوباما “المتهورة والتي تفتقر الى هدف واضح” واعداً بأنه سيركز على نشر الاستقرار، وكان من المثير انه تذكّر ان لأميركا حلفاء في الخارج فقال “سنعمل مع حلفائنا في العالم الإسلامي والذين يواجهون خطر العنف المتطرف الإسلامي، وهذا عالم خطر ولهذا يجب ان يكون التعاون من الطرفين، يجب ان يحسنوا إلينا هم أيضاً”!
يحاول ترامب عند هذا المفترق ان يظهر انه قادر على الإتزان والقيادة، لكنه في مقاربته موضوع حلفاء أميركا في العالم الإسلامي وكيفية مواجهة المتطرفين الذين يختطفون الاسلام ويشوهون صورته، لم يقدم أي أفكار أو تفاصيل أو خطط بل مجرد كلام عائم بلا معنى.
ولعل هذا ما دفع بيري كاماك المسؤول السابق في وزارة الخاجية الذي عمل مع جون كيري وخبر سياسة أوباما الخارجية الفاشلة، الى القول إن ترامب يقدم نوعاً من الهذيان النرجسي عندما يعتقد ان في وسعه تغيير النتائج معتمداً على شخصه!
كل ما فعله ترامب هو محاولة ربط منافسته هيلاري كلينتون بالنتائج السلبية لسياسة أوباما، لكن الصورة في الخارج هي: اذا كان أوباما نفذ سياسة الاعور فإن ترامب كفيل بتنفيذ سياسة الأعمى!