IMLebanon

ترامب يصطدم بتعقيدات  الأوضاع في أميركا والعالم

ليس من السهل على الرئيس دونالد ترامب أن يعترف بالفارق بين ممارسة السلطة وبين استخدام سلاح تويتر. فهو صنع لنفسه ورطة وأدخل بلاده فيها وترك العالم مذهولا، من حيث حمل شعار لنجعل أميركا عظيمة ثانية. وخلال أسبوعين من تسلمه أقوى منصب في العالم فتح كل ما أمكنه من جبهات في الداخل والخارج. حتى الاتحاد الأوروبي، فانه أضاف الى ثلاثة أخطار تهدده هي روسيا والصين والاسلام الراديكالي خطرا رابعا: سياسة ترامب.

إذ هو شجع على الخروج من الاتحاد على طريقة بريطانيا، واعتبر ان حلف الناتو متقادم. اشتبك عبر الهاتف مع الرئيس المكسيكي ورئيس الوزراء الأسترالي، وانتقد القرار الكارثي الخاطئ للمستشارة الألمانية باستقبال مليون لاجئ. هدّد الصين بحرب تجارية ومواجهة عسكرية. وطالب حلفاء أميركا بدفع ثمن الحماية الأميركية لهم كأن بلاده قوة مرتزقة. هاجم الاعلام وكل من ينتقده في الداخل. ولم يوفّر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الذي وصفه بأنه مهرّج، ولا القاضي الذي أمر بوقف تنفيذ قرار أوقف الهجرة ومنع مواطني ٧ دول شرق أوسطية من دخول أميركا.

وليس ذلك غريبا بالنسبة الى ظاهرة ترامب، وان كان مستغربا في الداخل والخارج. الغريب ان يفعل غير ذلك. فهو في البداية والنهاية رجل أعمال. والأوامر التنفيذية العجيبة التي أصدرها تنفيذا لوعوده في الحملة الانتخابية هي نوع من توظيف الرأسمال الذي جاء به الى البيت الأبيض. إذ هو يعمل من دون استراتيجية. لا في الشرق الأوسط، ولا في أي مكان آخر. حتى تبادل الغزل مع الرئيس فلاديمير بوتين، فانه لا يزال في العموميات. وحتى أنجلينا جولي التي انتقدت قرار تجميد الهجرة انطلاقا من الخوف في مقال على الصفحة الأولى من النيويورك تايمس، فانها استعادت قول الرئيس ريغان ان أميركا ملتزمة العالم لأن كثيرا من العالم داخل أميركا لتقول: اذا قسّمنا الناس خارج حدودنا فاننا نقسّم أنفسنا.

والواضح ان ترامب يجهل، لا فقط تعقيدات الأوضاع في العالم بل أيضا تعقيدات الوضع في أميركا. فهو يصطدم بالقضاء جاهلا أو متجاهلا ان أميركا دولة قانون وان القضاء سلطة مستقلة تضبط السلطتين التشريعية والتنفيذية. وهو يصدم حلفاء أميركا من دون أن يمتلك خطة بديلة. ويعاقب ايران من دون أن يكون قادرا على الخروج من الاتفاق النووي الكارثي المشين، ولا راغبا في مواجهة عسكرية للحد من نفوذها وهيمنتها في المنطقة.

والحديث عن استراتيجية شرق أوسطية لادارة ترامب هو، حتى إشعار آخر، تمارين في العبث.