ينتظر العالم وصولَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية حيث تُعقد ثلاثُ قمَم اليوم السبت وغداً الأحد تحت عنوان «العزمُ يجمَعُنا» يحضرها الرئيس الأميركي الذي يستهلّ من الرياض أولى جولاتِه الخارجية. ويترقّب كثيرون نتائجَ هذه القمَم التي يمكن أن تغيّر مجرياتِ الأوضاع في الشرق الأوسط توازياً مع الانتخابات الرئاسية الإيرانية وانتهاء مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية بلا نتيجة.
يؤكّد الأستاذ المحاضر في العلاقات الدولية الدكتور وليد الأيوبي لـ«الجمهورية» أنّ زيارة ترامب للسعودية «هي تعبير عن التوجّه الجديد في السياسة الخارجية الأميركية، وترامب يُعبّر عنه عبر الانفتاح الأهم على العالم الإسلامي والعربي الحليف له»، ويضيف: «عندما نقرأ زيارة ترامب في ضوء تجربة الرئيس الأسبق باراك أوباما السياسية، يتبيّن لنا أنّ أوباما كان يعتمد سياسةً «سلحفاتية» في إدارة شؤون المنطقة والتفاعل معها».
ويشير الأيوبي إلى أنّ «هذه الطريقة «السلحفاتية» لم تأتِ بنتيجة، فما يزال الوضع السياسي الإقليمي مكربَجاً ومعقّداً ولا يتقدّم أبداً على أيّ صعيد»، موضحاً: «إذاً هنا، لدينا مقاربة جديدة يُعبّر عنها ترامب تستند الى المبادرة بدلاً من ردّة الفعل».
ويلفت الأيوبي إلى أنّ «ما يحصل على مستوى العلاقة بين واشنطن والرياض هو أيضاً نجاحٌ للسياسة الخارجية السعودية لأنّ هذه السياسة السعودية يبدو أنهّا استطاعت إقناعَ ترامب بدورها البنّاء إقليمياً ودولياً، وتقنعه بأنّها حليفٌ يمكنه الاعتماد عليه وأنّه يمتلك وسائل القوّة التي تحتاج إليها الولايات المتحدة الأميركية».
ويقول: «إذاً يوجد إلتقاءٌ بين سياستين وسنرى كيف يمكن أن يُعبّر هذا الالتقاء عن نفسه في العالم خلال الأيام والأشهر المقبلة على رغم أنّ بعض الأجندة معروفٌ ومن ضمنه التعامل مع إيران بطريقة مختلفة، أي طريقة رادعة أكثر لتوغّلها ودورها في الإقليم»، معتبراً أنّه «يمكن أن يُعبّر عن نفسه عبر اتفاق حول الملف السوري وإنهائه بنحوٍ أو بآخر».
«حلف ناتو إسلامي»
والى ذلك، يقول الأيوبي إنّ «العلاقة بين الدول الإسلامية والولايات المتحدة والغرب هي علاقة قديمة، لكن جديد اليوم هو عدم وجود معسكَر شيوعي في المقابل»، مضيفاً أنّ «التحالفَ الإسلامي – الأميركي» هو تحالفٌ «إسلاميٌّ سُنّي» مقابل تحالفٍ «روسيٍّ – إسلاميٍّ شيعي».
وأكّد أنّه «في المقابل، هناك حلف يضم إيران الدولة الشيعية الأهم والصين وروسيا»، مشيراً إلى أنّ «هناك تناقضات موضوعيّة بين الحلفَين غير أنّه توجد علاقات تجارية وتشابك سياسي واقتصادي وغيره ما وراء التناقضات».
ويشدّد على أنّ «الأجندة الأميركية فيها أولويات، مثل أولوية كوريا الشمالية في جنوب آسيا وإيران في الشرق الأوسط»، مؤكّداً أنّ «واشنطن تريد استعادة إيران لأنّها تعتبرها خسارةً كبرى لا تزال تُعاني منها حتّى اليوم وتُحاول استعادتَها، أي إيران أيام الشاه مقابل إيران اليوم، نظراً لأهميّتها الاقتصادية».
ويضيف الأيوبي أنّ «إيران تُعرقل مشروع «الشرق الأوسط الكبير» بالمنظور أوروبي – أميركي الذي ما زال في مرحلة المخاض ولا يزال متعثِّراً»، موضحاً أنّ «النزاعَ على هذا المشروع جزء منه إيران لأنّها في موقع جيوسياسي شرق أوسطي وآسيوي أيضاً، فهي عقدةُ استكماله». ويؤكد أنّ «التعاطي مع طهران سيكون على هذا الأساس، فإمّا أن تُطبَّع وإمّا أن نجعلها تُطبَّع».
قصف على سوريا
من جهة أخرى، يجد الأيوبي في قصف «التحالف الدولي» لقوّة من الجيش السوري جنوب سوريا أمس الأول رسالةً لإيران وروسيا قبل وصول الرئيس الأميركي مفادها «أننا سنستمر ونكون صارمين في قراراتنا العسكرية وداعمين للسعودية حاملين دائماً الخيارات العسكرية دعماً للخيارات السياسية»، مضيفاً: «الضربةُ هي أيضاً لطمأنة إسرائيل الى أنّها في وضع مُحرِج عند رؤية إيران وحلفائها على حدودها». ويشدّد على أنّ «الضربة غايتها الضغط الميداني لتسريع مفاوضات جنيف للوصول إلى حلول».