Site icon IMLebanon

ترامب يُصفي القضية الفلسطينية على صفيح الحرب… ولبنان في قلب الحريق

 

لم يسبق لمسؤول أميركي ولا حتى «إسرائيلي»، أن بلغ وقاحة جيرالد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره الخاص، عندما أعلن صراحة أن مشروع الدولة الفلسطينية غير وارد ضمن خطّة السلام المزمع طرحها قريباً، والتي يمهّد لها مؤتمر البحرين الذي سيعقد يومي 25 و26 الحالي، والذي يحمل عنواناً واحداً هو تصفية القضية الفلسطينية.

 

في الظاهر جاء كلام كوشنير مفاجئاً» لأنه كشف خطّة ترامب قبل إعلانها رسمياً، لكن في المضمون لا ينتظر أحد من الادارة الأميركية الحالية، أن تقدّم في خطتها أي بند لا يصبّ في خدمة «إسرائيل» وحدها، من هنا يفهم المراقبون أبعاد التطورات المتسارعة في المنطقة، بدءاً من تعرّض السفن الحربية الى هجمات غامضة في مياه الخليج، مروراً بإسقاط الطائرة الأميركية المسيّرة فوق الأجواء الإيرانيّة، وصولاً الى التحوّل الذي يشهده الموقف الأوروبي، والذي يأخذ انعطافة سريعة باتجاه الرؤية الأميركية لجهة التشدد تجاه إيران، تحت مزاعم تطوير برنامجها للصواريخ البالستية وزيادة انتاج الوقود من اليورانيوم المخصّب.

 

بمعزل عن الشعارات السياسية التي ترفعها واشنطن، والهادفة الى استدراج طهران الى طاولة المفاوضات بشروط البيت الأبيض، بما يحقق مصلحة «إسرائيل»، فإن الخبراء في السياسية الأميركية، يؤكدون أن واشنطن «لا ترغب بحرب مع ايران، لكن لا يمكنها السكوت طويلاً ما لم يتبدّل الموقف الإيراني قريباً، وتتخلّى طهران عن ثوابتها القائمة على دعم حلفائها في المنطقة، وعدم التسليم بتصفية القضية الفلسطينية». ويشدد هؤلاء على أن «ترامب يدرس مع مستشاريه مجموعة من الخيارات، بينها النتائج العملية لتوجيه ضربات محدودة الى ايران وحلفائها سواء في اليمن أو العراق أو سوريا ولبنان». ووفق معلومات العالمين بما يدور داخل مركز القرار الأميركي، فإن «أعتى صقور الإدارة الأميركية ينصحون ترامب بعدم المجازفة بتوجيه ضربات مباشرة الى الحرس الثوري وقواعد الجيش الإيراني في المنطقة، وأن يكتفي بجسّ نبض طهران وردة فعلها بتوجيه ضربات محدودة لحلفائها، بدءاً من أنصار الله في اليمن، وفصائل الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان».

 

وبرأي مصادر متابعة، فإن كلّ هذه السيناريوهات صعبة ومكلفة، سواء على صعيد نتائجها العسكرية على المنطقة القابعة على فوهة بركان، أو ارتداداتها على العملية السياسية، وخصوصاً أن الرئيس الأميركي ملتزم بما وعد به حليفه بنيامين نتنياهو بإعلان خطة السلام التي ترتكز على أربعة بنود، الأول ضمّ الأراضي العربية المحتلّة الى ما يسمّى دولة إسرائيل، والثاني الاعتراف بيهودية الدولة العبرية، والثالث إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين الموزعين في بلاد الشتات، والرابع تثبيت القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وإبقاء فلسطينيي الداخل، مجموعات مشتتة داخل بلادهم وضمن مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة».

 

أما عن جدوى الخطة الاقتصادية التي تعد الولايات المتحدة الفلسطينيين بها، فإن المصادر تشير الى أن «هذه الخطة «لا تشمل فلسطينيي الداخل، بل اللاجئين في بلاد الشتات عبر منحهم حوافز مالية تشجعهم على البقاء والتوطين في مكان اقاماتهم، وفتح باب الهجرة الى دول غربية للراغبين بمغادرة فلسطين سعياً الى حياة كريمة». وتلفت المصادر إلى أن هذه الخطة «لا يمكن تمريرها الا تحت الضغط والتلويح بالحرب، علماً، أن الأميركيين يدركون أن هكذا خيار سيقود الى بحرٍ من الدماء على أرض فلسطين ودول الجوار التي لها أراض محتلة من قبل إسرائيل».

 

وأمام تسليم الكيان الصهيوني باستحالة تمرير هذا المخطط على بياض، بدا جيش الاحتلال متهيئاً لمواجهة كبرى مع سوريا ولبنان وغزّة، وربما تكون حدودها أبعد بكثير، من هنا تأتي المناورات العسكرية الأكبر منذ العام 2017، والتي تحاكي حرباً مع لبنان، ومعارك في مدن وبلدات مكتظة، كما تحاكي هذه المناورات تعرض «إسرائيل» لحرب شاملة على جبهات متعددة. وقال المتحدث باسم «الجيش الإسرائيلي»، أفيخاي أدرعي «لقد اختتمنا تمريناً عسكرياً واسع النطاق في منطقة الأغوار وفِي شمال البلاد تدربت خلاله قوات جيش الدفاع من الأذرع المختلفة على التعامل مع سيناريوهات تحاكي القتال داخل لبنان». وقال «لقد درب التمرين القوات لقتال متعدد الأذرع في منطقة قتالية مأهولة، في مواجهة عدو متخفٍ ومتحصن تحت الأرض ومتسلح بأسلحة متقدمة».

 

وما بين التصعيد الأميركي في مواجهة ايران، والتحضيرات «الإسرائيلية» لحرب واسعة النطاق، يقف لبنان على مفترق خطر لأن التدهور العسكري سيضعه في قلب الحريق، من هنا لا تستبعد مصادر مقرّبة من حزب الله أياً من السيناريوهات المطروحة، وتؤكد أن ترامب «يستعجل تصفية القضية الفلسطينية قبل نهاية ولايته، وخصوصاً أن إعادة انتخابه غير مضمونة». وتشير الى أن الرئيس الأميركي «يسعى إلى فرض الصفقة على صفيح الحرب، كما يسعى الى طمأنة حلفائه في المنطقة وعلى رأسهم «إسرائيل»، إلى تقليم أظافر ايران قبل أن يغادر البيت الأبيض». وتجزم المصادر بأن أياً من هذه الخيارات لن يتحقق، لأن التصعيد لن يقود الا الى مزيد من التصلّب وتمسّك القيادة الايرانية وحلفائها بحق الشعب الفلسطيني، كما أن أي حرب محتملة مع إيران تلغي دورها المحوري في المنطقة، وبالتالي فإن من يلعب بالنار سيكتشف أنها ستحرقه».