يستطيع المراقب ان يرى ان يوم ٨ تشرين الثاني المقبل سيقفل على هزيمتين: هزيمة محققة تتمثل في الإنقسام الذي بدأ يضرب منذ الآن صفوف الحزب الجمهوري، الذي سبق له ان قدّم أسماء لامعة مثل ابراهام لينكولن ورونالد ريغان، وهزيمة ستتحقق عندما ستتمكن هيلاري كلينتون من ان تهزم دونالد ترامب، الذي بدأ حملته للترشح عن الجمهوريين لرئاسة الولايات المتحدة كمهرج بأسلوب فضائحي ضحل ووقح يبث الكراهية لكنه بات الآن مرشحهم الحقيقي بعدما تفوق على ١٦ من منافسيه.
واضح ان الحزب الجمهوري بات يواجه مأزقاً تاريخياً، أول ملامحه مسارعة جمهوريين بارزين أمثال جيب بوش وليندسي غراهام وريان مارك سالتر المستشار السابق لجون ماكين وليون وولف، الى الإعلان انهم سيؤيدون مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون، و سيتبعهم كثيرون ممن يأنفون ان يقود معركتهم الرئآسية رجل نرجسي يثير الغرائز العمياء والعواطف الدهماء وسياسات البغضاء هو ترامب.
في النهاية لا يمكن ترامب ان يقود أميركا الى ركنه الهتلري المجنون، وفي الواقع لن يتمكن الحزب الجمهوري من ان ينجو من الإنشطار بين تيار اليمين الوسطي وتيار اليمين المتطرف الذي لعب ترامب على أوتاره مستغلاً ثلاثة عناصر هي: وحشية “داعش” وإتساع الحذر والخوف لدى الشارع الأميركي من الإرهاب، وسياسة الإنكفاء الأميركي التي نفذها باراك أوباما أمام اندفاعات فلاديمير بوتين، ونتائج بطء الدورة الإقتصادية في أميركا، الذي ولّد أحساساً بأن الوافدين من أميركا اللاتينية والمهاجرين يأكلون من أمام المواطن الأميركي.
عندما قرأت موضوع الغلاف الذي إختارت مجلة “دير شبيغل” أن تخصصه للحديث عن شخصية دونالد ترامب في بداية شهر شباط الماضي، رأيت أن الدافع وراء ما ورد في هذا الموضوع، هو أحساس دفين بأننا امام صورة معاصرة كاريكاتورية لادولف هتلر، فكل ما يقوله ترامب بأسلوبه السوقي الفظ يذكر بالدوافع الشوفينية والميول العنصرية التي برزت عند النازيين.
إختارت “در شبيغل” عنواناً لغلافها هو ” أخطر رحل في العالم”، لكن ترامب ليس خطيراً الى هذه الدرجة ما لم يساعده جنون الترامبية في الوصول الى البيت الأبيض وهذا مستبعد، وخصوصاً بعد أحساس كثيرين في الحزب الجمهوري انه يشوّه بأفكاره المتطرفة والمجنونة صورة الحزب الجمهوري.
إن الشعار الذي يرفعه ترامب وهو ” كي تستعيد أميركا عظمتها مجدداً”، يمثل وفق خطاباته عاصفة من الهوس الأحمق تستهين بكل المعاهدات والمواثيق الدولية، ورؤية جاهلة ومتهورة تستهين بالأقليات الأثنية وبمعايير المنطق والمبادىء الأساسية التي تنظم العلاقات الدولية قبل قيام إميركا وعظمتها! وكل ما ستفرزه ظاهرة ترامب في النهاية هو شقّ صفوف الحزب الجمهوري وإضعافه ومساعدة هيلاري كلينتون في وراثة باراك “أوماما…” نعم “أوماما”.