تعقيدات منطقة الشرق الأوسط هي بعض نتاج حربين عالميتين أعادتا رسم الخرائط في المنطقة وأنحاء أخرى على وجه هذا الكوكب. والحلول التي يتم التداول بها اليوم بين عواصم القرار الدولي وبعض العواصم الاقليمية، تبدو في جوهرها الذهاب الى مزيد من التعقيد بل والحروب! والضحية الأعظم لهذا الاعصار العالمي هي الأنظمة العربية وشعوبها، مما شجع اسرائيل والصهيونية العالمية بدعم من امبراطورية العمى بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على الحلم بأن وقت انتصارها النهائي على العرب كافة قد حان ودقّت ساعته. ومن مؤشرات ذلك، ان المشروع الاسرائيلي لتصفية قضية فلسطين بعد ٦٩ سنة على قيام كيان الاغتصاب الصهيوني، قد ظهر للعلن عاريا ومكشوفا ولا يتستر حتى بورقة التوت!
المشروع الصهيوني الجديد يقوم على صدور وعد ترامب فلسطيني على غرار وعد بلفور الانكليزي لليهود، باقامة دولة فلسطينية في سيناء على مساحة ٦٠ ألف كيلومتر مربع، على غرار وعد بلفور بالوطن اليهودي في فلسطين! وهذه هي الاشارة الأولى. أما الاشارة الثانية، فهي ما بدأت تمهّد له التسريبات الأميركية من أن ادارة الرئيس ترامب هي الآن في صدد وضع ترتيبات نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، لتكريس أمر واقع جديد يمهّد الطريق لقيام الدولة اليهودية العنصرية الصافية تحت علم اسرائيل، والعمل على الترويج لتنفيذ الترانسفير بحق الفلسطينيين، وتهيئة الظروف الساخنة لحملهم الى مغادرة جحيم اسرائيل، ولو بالقبول والانتقال الى سيناء! وسيناء أرض مصرية أولا وأخيرا، فكيف يتجاهلون هذه الحقيقة؟!
العقل الاستعماري الشرس والكاسر لا تهمّه الحقائق، ولا قيم العدالة الانسانية والأخلاقية. وفي تقديره ان ما حصل في فلسطين يمكن أن يتكرر في سيناء. والمعادلة المطبقة في فلسطين تتلخص بالآتي: طرف أول منح طرفا ثانيا أرضا يملكها طرف ثالث!