بعد خطاب القسم، والمواقف التي تلته من جانب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، ثمة ما يستوقف الدول العربية ويجعلها متفائلة بوصوله إلى السلطة، مع أن هذه الدول قلقت من تركيزه على الإسلام ومن التدابير التي اتخذها لناحية قضية اللجوء إلى بلاده.
وتفيد مصادر ديبلوماسية عربية أن الأجواء مرحّبة بترامب، بعد التجربة «السيئة» مع سلفه باراك أوباما. وتعتبر هذه الدول أنه لمجرد حصول تغيير، فهذا إيجابي، مع الإشارة إلى أن العرب يتفقون تقليدياً مع الجمهوريين أكثر منه مع الديموقراطيين. ذلك أن الجمهوريين لا يركزون على ما يُشكل حساسية، بل يتركون الحرية للدول في أنظمتها. وهذا ما عكسه ترامب في خطابه. ولا يفرضون أنظمة معينة على الدول، بل يتعاملون مع كل دولة على أساس واقعها.
لم يكوِّن العرب بعد تصوراً واضحاً حول سياسة ترامب الخارجية بشكل موضوعي، بعد القرارات الأخيرة التي اتخذها، على أن موضوع دعوته إلى إقامة مناطق آمنة في سوريا تأتي في المسار ذاته الذي يرغب العرب بوجوده. إنما تنفيذ ذلك يعتمد على عناصر عدة، في مقدمها المعطيات الإقليمية، والعامل الروسي والوقائع على الأرض، فضلاً عن أنه يجب حمايتها بالطيران والعسكر، والتفاهم مع روسيا حول الموضوع. ترامب طلب من الدوائر المختصة إعداد اقتراحات حول ما يجب فعله. لكن قد يأخذ بها، وقد لا يأخذ، ومن غير الواضح إذا ما كان سيتخذ قرارات قد يتراجع عنها.
صلابة القرارات التي اتخذها ترامب كانت فعلاً لافتة عربياً، بحسب المصادر. وبالنسبة إليهم فإن أمراً أساسياً استجد وهو أن ترامب على عكس أوباما لديه هاجس هو إيران، الأمر الذي يعتبر من خلاله العرب، أن هناك تغييراً في الجو الذي كان سائداً أيام أوباما، حيث كان العرب يعتبرون أن الاتفاق النووي هو اتفاق غربي ضمني مع إيران. وبقيت الدول العربية البارزة حتى اللحظة الأخيرة تُعارض الاتفاق على الرغم من كل التطمينات. والاتفاق كان متزامناً مع غياب الإدارة السابقة عن القرار الحاسم حول سوريا، فكانت كل الأمور مترابطة.
لا شك أن العرب يعتبرون أن ترامب شخصية خارجة عن المألوف، فهو بدأ قراراته بالشأن الداخلي، وكذلك طال خطابه كل الفئات الأميركية مستهدفاً الفساد، وتغليب المصالح الخاصة على مصالح الشعب، وذلك كله غير تقليدي.
الروس، بالنسبة إلى الوضع السوري، قصدوا إيصال الأمور إلى ما وصلت إليه قبل تسلّم ترامب السلطة. أسقطوا حلب، وفتحوا خطوطاً مع الإدارة الأميركية، بسبب تخاذل الإدارة السابقة، وأقاموا حلفاً تكتيكياً بينهم وبين الأتراك، ووصلت الأمور إلى الآستانة وإلى الرعاة الإقليميين لإنجاز الحل السوري.
وجهت موسكو دعوة إلى الإدارة الجديدة، لم يحضر مؤتمر الآستانة سوى السفير الأميركي لدى كازاخستان. وعدم حضور مسؤولين كبار من واشنطن يعني أن الأخيرة لم تحسم موقفها بالنسبة إلى الملف السوري بشكل عام. ترامب مستعد للتعاون مع الروس، لكن كيف ستكون التفاصيل؟
الآن لم يعد الأميركيون العنصر الأقوى الذي يضغط على المعارضة السورية للوصول إلى موقف معين أو الالتزام باتفاق. الأتراك، وفقاً للمصادر، هم الذين ضغطوا لمشاركة المعارضة المسلحة تحديداً. ونظراً إلى السياسة الأميركية السابقة، لم يعد لدى المعارضة فارق بالنسبة إلى موقف الولايات المتحدة. هناك نوعية في تحول الوضع السوري وسرعة أيضاً.
من جراء استهدافات «القاعدة» في اليمن، يتضح أن هناك استعداداً أميركياً لعمليات محدودة. وهذا يعتبره العرب مؤشراً جيداً.
ويعوّل العرب على أنه من باب العداء الذي لدى ترامب لإيران ودعوته إلى إعادة الاهتمام بالحلفاء القدامى والتقليديين، هناك تغيير في ما سيحصل. فضلاً عن أن اختياره لرئيس شركة «أكسن» في فريقه، يُشكل عاملاً إيجابياً لأنه رجل أعمال في قطاع النفط وتعرفه الدول العربية، وحيث هناك تعامل معه أساساً، هناك ترقّب بتفاؤل لسياسة ترامب التي ستتضح معالمها الحقيقية ابتداءً من بداية الربيع المقبل.