IMLebanon

ترامب يسعى لنزع السلاح النووي بالكامل وإعادة إيران إلى داخل حدودها

ترامب يسعى لنزع السلاح النووي بالكامل وإعادة إيران إلى داخل حدودها

4 تشرين الثاني موعد مفصلي في المواجهة الأميركية – الإيرانية… والحلحلة اللبنانية بعد جلاء تطورات الإقليم!

 

لصيقون بمحور الممانعة: الأشهر المقبلة صعبة وطهران تُدرك أن التحدّي الراهن  مَن يصرخ أوّلاً

تضيق الهوامش في لعبة عض الأصابع بين أميركا وإيران. طهران تُدرك أن الخناق يشتدّ على عنق نظامها، وسيشتدّ أكثر مع بدء موعد إعادة فرض العقوبات عليها بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في 8 أيار الماضي. يومها أعلن  وزير الخزانة الأميركي ستيف منوشين أن العقوبات سيُعاد فرضها خلال فترة تتراوح بين 90 و180 يوماً.

مع السادس من آب الحالي تنقضي مهلة الـ90 يوماً على إلغاء الاتفاق، ليبدأ سريان العقوبات على إيران عبر حظر بيعها الدولار والذهب والمعادن والصلب والألومنيوم والاستثمار في السندات الإيرانية، وحظر آخر على التعامل مع شركات صناعة السيارات الإيرانية، وعلى استيراد السجاد والمواد الغذائية من إيران، وسحب تراخيص التصدير من شركات الطيران المدني، على أن تصل تلك العقوبات إلى حدها الأقصى، بعد 90 يوماً جديداً، أي في الرابع من تشرين الثاني المقبل، مع وقف صادرات النفط وحظر استخدام الموانئ والسفن الإيرانية، وفرض قيود على التحويلات المالية بين المؤسسات المالية الأجنبية والبنك المركزي الإيراني وخدمات التأمين.

ستزداد الضغوط الداخلية على إيران بفعل الانهيار الحاد لعملتها وانكماش اقتصادها والضائقة التي يعيشها شعبها. رهان ترامب هو على أن تفعل العقوبات فعلها بغية دفع النظام الحالي إلى تغيير سلوكه. عبّر وزير خارجيته مايك بومبيو ومستشاره للأمن القومي جون بولتون عن الرغبة في تغيير النظام، لكن ليس جلياً أنه هدف «سيد البيت الأبيض». يصح أكثر اعتبارها ورقة ضغط ، بحيث يجد النظام أن أمر إنقاذه يستحق التضحية بكثير من «أوراقه المنفلشة» في الساحات الملتهبة.

يقول منظرو الرئيس الأميركي «إن ما يهم الرجل هو الوصول إلى مبتغاه». عَرْضَه الجلوس إلى الطاولة مع الإيرانيين من دون شروط مسبقة ليس تعبيراً عن ضعف أو تراجع. من الأجدى النظر إلى المسألة على أنها رسالة حسن نيّة. فيوم التقى زعيم كوريا الشمالية في قمة تاريخية أفضت إلى تعهّد كيم جونغ أون بنزع  السلاح النووي من الجزيرة الكورية، أمل ترامب أن يصل إلى اتفاق مع إيران. طريقه إلى ذلك تُعبّدها العقوبات والضغوط المتزايدة على قادة طهران من أجل جلبهم إلى الطاولة لصوغ اتفاق جديد يتعدّى مسألة النووي.

سبق أن نقل ترامب إلى شركائه الأوروبيين بنود الاتفاق الجديد الذي يتضمن نزع السلاح النووي الإيراني بالكامل، وليس وقف التخصيب لفترة زمنية: تقييد برنامجها للصواريخ البالستية، الموافقة على عمليات التفتيش من دون قيود، ووقف تدخلها في شؤون الجوار بما يعني عودتها إلى داخل حدودها.

تدرك إيران أنّ حزمة المطالب الأميركية تساوي نهاية نظامها القائم على مفهوم «تصدير الثورة» ومدّ نفوذها إلى المنطقة بالاتكاء على الأذرع العسكرية في غير مكان، وفي مقدمها «حزب الله» والميليشيات العراقية والحوثيين وغيرها من الميليشيات، مستفيدة من البعد العقائدي الديني، ومن الاتكاء على استخدام إسرائيل كورقة ضغط في وجه أميركا مستغلة الصراع العربي – الإسرائيلي ورمزية فلسطين التي كانت لأجيال عديدة القضية المركزية للعرب والمسلمين.

في رأي لصيقين بـ «محور الممانعة» أن الأشهر المقبلة ستكون صعبة بالتأكيد. وإيران تُدرك أن التحدّي الراهن يتجلى بمَن سيصرخ أولاً في لعبة «عض الأصابع». لذلك تتحسّب لمزيد من الضغوط مُبقية عينها على الداخل. يقول هؤلاء إن طهران خَبرَت كيفية التعامل مع الاحتجاجات في الداخل،  سواء في طهران في العام 2009 أو في مشهد نهاية العام الماضي. تراهن على قدرتها في ضبط الوضع ولو قمعاً. ويذهب بعضهم إلى الحديث عن إمكان تكرار «سيناريو سوريا 2011» في إيران، لكنهم يستبعدون أن يهزّ الواقع الإيراني، ويعتبرون أن عنوان الضغوط عليها سيكون اقتصادياً ومالياً وأمنياً، إنما لن يصل إلى المواجهة العسكرية المباشرة.

تؤشر قراءة منظري المحور الإيراني إلى أن هناك خطين متوازيين يسيران في آن، هما «العصا والجزرة». ما يجري من ضغوط على الوجود الإيراني وأذرعها العسكرية في سوريا، ومشهد تعقيدات تأليف الحكومة في العراق، والضغط على الحُديدة في اليمن، كلها أوراق في «خانة العصا»، حتى أن هؤلاء باتوا يميلون إلى أن تعقيدات تأليف حكومة سعد الحريري تندرج في سياق تسابق أزمات الإقليم، أكثر من تعلقها بعقد حصص الأطراف وحسابات تحصين كل فريق لموقعه في المعادلة الداخلية.

تلك القناعة، في ما خص لبنان، تؤشّر إلى انسداد الأفق حيال التوصل إلى حلحلة ما على مستوى التشكيل الوزاري لبنانياً قبل جلاء التطورات في الإقليم، ورسو المواجهة الأميركية – الإيرانية على وقائع محددة، وإن كانت قراءة متابعين لمسار التشكيل تشير إلى أن تعثر التأليف يرتبط في جوهره بحسابات الإمساك بقرار الحكومة تحضيراً للاستحقاقات التي قد تواجهها.

المدى الزمني الذي يتم وضعه لتبلور معالم المواجهة الأميركية – الإيرانية يصل في حقيقة الأمر إلى الرابع من تشرين الثاني، موعد وقف صادرات إيران النفطية بما يشكله من محك أساسي ومفترق طرق. مسار «الجزرة» تجسّده الوساطات الأوروبية، وارتفاع التوقعات عن دور لسلطنة عُمان بعد زيارة وزيرها للشؤون الخارجية يوسف بن علوي إلى واشنطن، والتحرّك الحثيث للمبعوث الأممي في اليمن، وتُتوّجه ليونة ترامب من خلال دعوته إيران للتفاوض من دون شروط مسبقة.

يطيب لكثير من المراقبين الجزم بأن مفاوضات «خلف الستارة» قد بدأت بين الجانبين في مسقط. عارفو ترامب يقولون إن الرجل لا يحبّذ كثيراً سياسة الخفاء، وإذا كانت هناك من مفاوضات فعلية فستظهر على الملأ، وسيكون الرئيس الأميركي أول مَن يُعلن عنها! ولكن هل يعني ذلك أن اتفاقاً أميركياً – إيرانياً يمكن أن يُبصر النور في المدى المنظور، وأن أوان التسوية الكبرى في المنطقة قد اقترب؟ قد يكون من المبكر جداً توقع ذلك، فحروب الاستنزاف لا تشي بأنها قاربت النهاية!.