IMLebanon

استراتيجية ترامب: مواجهة الأخطار بمخاطر

 

ليس في خطاب الرئيس دونالد ترامب سوى عناوين عامة لاستراتيجية الأمن القومي التي أقرّها. وهي استراتيجية عمل عليها فريق الأمن القومي خلال ١١ شهرا وتقع في سبعين صفحة، ومن المفروض ان تكون مرجعية لسياسات الادارة. وليس في صنع القرار على طريقة ترامب، حسب تجربة السنة الأولى، سوى قليل من التقيّد بالنصوص والالتزامات الأميركية وكثير من مفاجأة معاونيه والناس بمواقف مرتجلة تحملها تغريدات عبر تويتر. وهذا ما اختصرته مجلة تايم بالقول ان ترشح ترامب أعاد كتابة قواعد السياسة وسلوكه، يغيّر قواعد الرئاسة.

ذلك ان ترامب ينظر الى الخارطة فلا يرى سوى عالم تنافسي. وهو يخاطب الأعداء والخصوم والحلفاء بأن أميركا في اللعبة وسوف تربح. لا بل ان رؤيته لمصالح أميركا تتجاوز ثوابت النظام العالمي الذي قادته بلاده بعد الحرب العالمية الثانية، بحيث يؤكد ان أميركا ستدافع عن سيادتها ولو عنى ذلك المخاطرة باتفاقات مع بلدان أخرى كانت جزءا صلبا من سياسة الولايات المتحدة منذ الحرب الباردة.

ومن الطبيعي لرجل أعمال مثل ترامب سجّل أكبر خفض على ضرائب الأثرياء وأكبر موازنة لوزارة الدفاع بلغت ٧٠٠ مليار دولار، واعتبر ان الأمن الاقتصادي أمن قومي، ان يركّز على أربعة أهداف: حماية الولايات المتحدة، تعزيز الازدهار الأميركي، ضمان السلام من خلال القوة، وتعزيز النفوذ الأميركي في العالم. وهذا يقود الى تحديد الأخطار والتحديات أمام واشنطن ضمن اطارين الى جانب الارهاب. الأول هو الدول التحريفية مثل الصين وروسيا اللتين تتحديان قوة أميركا ونفوذها ومصالحها وتسعيان لتآكل أمنها وازدهارها. والثاني هو الدول المارقة مثل كوريا الشمالية وايران.

والمفارقة ان ترامب الذي ليس لديه سوى ردود خطرة وخطيرة على خطر كوريا الشمالية يحتاج الى تعاون الصين وروسيا مع أميركا لمواجهة الخطر. أما الخطر الايراني، فان علاج ترامب له هو اقامة تحالف اقليمي وتوازن في وجه ايران. وأما الارهاب، فان التحالف الدولي الذي تقوده أميركا يتولى الجبهة العسكرية والأمنية، والقادة والشركاء يعملون معا على رفض الايديولوجيات الراديكالية والتطرّف الاسلامي والعنف.

وأخطر ما يؤمن به ترامب وما يتبناه هو القول انه الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي جرى اعتباره خلال أجيال العائق الأساسي أمام السلام والازدهار في المنطقة، والآن فان التهديدات الآتية من التنظيمات الجهادية الراديكالية الارهابية ومن ايران قادت الى ادراك ان اسرائيل ليست سبب مشاكل المنطقة، وهناك دول وجدت مصالح مشتركة مع اسرائيل لمواجهة تهديدات مشتركة. وهذا ما يسمّيه ترامب تقوية مصالح أميركا في الشرق الأوسط.