IMLebanon

ترامب يُرعِب الأميركيين وسيدمِّر الحزب الجمهوري!

استمرار المرشّح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة دونالد ترامب في حملته فاجأ الكثيرين من الأميركيين العاديين ومن متعاطي الشأن العام فيها والإعلام والأبحاث. فهو رجل أعمال ناجح حقق ثروة ضخمة جداً تقاس بالمليارات من الدولارات وليس بمئات الملايين، وصاحب حياة اجتماعية يعتبرها البعض صاخبة، لكنه لم يسعَ يوماً الى دخول المعترك السياسي رغم وجوده اليومي في وسائل الاعلام المتنوعة. ولم يُعرف عنه أنه رجل فكر وسياسة واستراتيجيا. كل ما عُرف به هو العفوية حتى النزق والاسترسال في الكلام من دون القدرة على ضبط لسانه الذي يسبق عقله دائماً. وسبب التفاجؤ أنه سبق مرشحي حزبه الجمهوري كلهم وبمسافة كبيرة وفقاً لغالبية استطلاعات الرأي، إذ حصل أخيراً على نسبة تأييد تبلغ 42 في المئة. وسببه أيضاً أن تأييده المتعاظم نتج من مواقفه المتشددة والمتطرفة ليس فقط من ملايين المهاجرين الى بلاده من دول أميركا الوسطى والجنوبية والمقيمين فيها على نحو غير شرعي، بل أيضاً من المسلمين الأميركيين في أميركا سواء مواطنين أو مقيمين شرعيين أو غير شرعيين.

الا أن تفاجؤ الاميركيين من مواقف ترامب لم يبق وحيداً، إذ رافقه قلق وخوف لا بل رعب من وصوله الى البيت الأبيض أو من فشله في ذلك وفي الوقت نفسه من إثارته الأحقاد النائمة منذ دهور والكراهية والنفور، ومن الانعكاس السلبي المحتمل لذلك على الاستقرار في الدولة الأعظم في العالم اليوم.

حدّثني عن هذا الموضوع صديق أميركي يتابع جدِّياً ومن زمان قضايا الشرق الأوسط وأيضاً قضايا الرئاسة في بلاده كونه مواطناً، بواسطة “إيميل” أرسله إليّ. ورأيت أن من واجبي إطلاع القرّاء عليه كما هو، إذ يعطي صورة واضحة جداً عمّا تعيشه أميركا اليوم في مناسبة حملة الانتخابات الرئاسية.

بدأ رسالته الإلكترونية بالقول: “منذ مجزرة باريس في 13 تشرين الثاني الماضي ومجزرة سان برناردينو في أميركا بعدها بأسابيع والخوف ينتشر في أوساط مواطني أوروبا الغربية والولايات المتحدة. يبدو واضحاً أن للمتطرفين جداً والمتشدِّدين و”الإرهابيين” الاسلاميين “كاريزما” معينة و”صدقية” عند مؤيّديهم. لكن يبدو واضحاً أيضاً أن الدول التي يستهدفونها ليست مهيّأة لمواجهة هذا النوع من الأعمال. منذ مجزرة باريس تضاعف شراء المواطنين في بلادي أسلحة. فهم خائفون وقد يتحوّلون ضد المسلمين مواطنين وغير مواطنين. وزعماؤنا، باستثناء قلّة من المرشحين الرئاسيين الجمهوريين، يبذلون ما في وسعهم لطمأنة المعنيين أن مجرزتي “باريس” و”سان برنادينو” ليستا حقيقة الاسلام. لكن مع مرشح كترامب، فإن العداء للأجانب وللمسلمين الذي أشاع الخوف، وهو الشعار الذي اختاره لحملته الانتخابية، قد يصبح عنوان الانتخابات الرئاسية. ابنتي خائفة على نفسها وعائلتها، وتسألني يومياً أين أذهب. الحزب الجمهوري في حال من التشوّش والفوضى، والناس بدأوا يعتقدون اليوم أنه يمكن ألا يصبح مرشحاً رسمياً رئاسياً له”.

أضاف الصديق المتابع نفسه: “انها حال جنون، أعتقد أن الحزب الجمهوري يقدم على “هاراكيري”، أي انتحار على الطريقة اليابانية. أنا أعتقد أيضاً أنه يبذل ما في وسعه لمنع ترامب والمرشح الآخر كروز الذي لا يقل عنه سوءاً من الفوز بترشيح حزبهما. أما اذا حصل واحد منهما عليه فإنه سيدمّر حزبه الجهموري ويسقط في الانتخابات الرئاسية، كما أنه سيتسبب بخسارة الجمهوريين الأكثرية في مجلسي الكونغرس. والكارثة هنا هي أن ذلك سيفسح في المجال أمام “تفريخ” ميليشيات محلية معادية للأجانب والمسلمين وساعية الى الانتقام منهم. علماً أن البعض من زملائي المتابعين يعتقد أن الحزب قد يحتفظ بواحد من المجلسين. وخوفاً من حصول ذلك يحاول العقلاء الجمهوريون التسليم بخسارة الرئاسة أو التضحية بها للاحتفاظ بالمجلسين أو بأحدهما”. في اختصار يتابع المتابع نفسه” لن يقرر الناخبون الأميركيون خيارهم الرئاسي الا قبل الانتخابات بأسبوعين أو ثلاثة. لذلك أعتقد أن ترامب لن يُرشح رسمياً ولن يفوز إذا رُشّح. لكن يجب الحذر من كروز الذي يشبهه كثيراً. إلا أن هناك خشية أن يسبب تحوّل “البيض الأميركيين” أقل من 50 في المئة من شعب بلادهم رد فعل متعاطف مع ترامب أو على الأقل متفهّم له”.