عيون وآذان
دونالد ترامب فاز برئاسة الولايات المتحدة. عَجَبي، كما يقولون في مصر. سأترحم على صدام حسين ومعمر القذافي بعد فوز ترامب. الآباء المؤسسون الذين بنوا الولايات المتحدة سعوا لديموقراطية أثينية ورومانية، فكان الرؤساء الأميركيون الأوائل أوصياء على نظام من الشعب وللشعب، وبنوا دولة عظمى.
ترامب ذكرني يوماً بالغوغائي كليون الذي أفرزته الديموقراطية الأثينية، وقرر قتل الناس. أرسطوطاليس وصف كليون بأنه كان يصرخ ويهدد وهو يخاطب الناس، ويستعمل كلاماً بذيئاً، بل إن لباسه لم يكن لائقاً، في حين أن منافسيه تحدثوا بتهذيب وارتدوا ثياباً مناسبة.
بدأت الألفية الثالثة وترامب ديموقراطي، إلا أنه في سنة 2015 أعلن نفسه جمهورياً، غير أنه بقي صاحب كازينوات قمار يتحرش بالنساء، ما لا يجعله «رجل أسرة» كما يريد الأميركيون في رئيسهم.
ماذا عرفنا عن (الرئيس) ترامب وهو ينافس هيلاري كلينتون على الرئاسة؟ أكتفي ببعض ما قال:
هو دعا إلى خفض الضرائب على الأثرياء والشركات، وإلغاء قوانين تعيق رجال الأعمال، وقوانين أخرى تحمي المستهلك أو البيئة، كما رفض زيادة الحد الأقصى للأجور، وقال أنه سيطلب من الكونغرس إلغاء اتفاقات تجارية قائمة مع دول أخرى. ما سبق يعني أن يزيد العجز الفيديرالي إلى مستوى يصعب علاجه.
كان يتحدث في يوم وينكر أو «يصحح» في اليوم التالي. هو قال أن المكسيكيين يمارسون الاغتصاب (وهذا من رجل سُجِّل عليه تفاخره بالتحرش بالنساء)، وأعلن أنه سيمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وقال أن حلفاء بلاده في الناتو «حرامية» لا يدفعون حصتهم في الدفاع المشترك. قال أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستحق الثناء، وأن السيناتور جون ماكين خاسر. بقي سنوات يقول أن باراك أوباما ليس أميركياً، ثم تراجع أمام أدلة قاطعة على ولادته في هاواي. ترامب يريد بناء حائط بين الولايات المتحدة والمكسيك يدفع ثمنه المكسيكيون، وهو وعد، أو أوعد، بالعودة إلى تعذيب المعتقلين بالماء أو «ما هو أسوأ».
الحزب الجمهوري انقسم على نفسه إزاء ترامب، وجريدة «نيويورك تايمز» نشرت أسماء 110 شخصيات جمهورية بارزة عارضت ترشيح ترامب، بينها 70 خبيراً اقتصادياً. كانت هناك أيضاً رسالة منشورة في آذار (مارس) لأكثر من مئة عضو جمهوري بارز تعارض ترشيح ترامب، ومثلها رسالة أخرى نشِرَت في آب (أغسطس).
بعض الخبراء يقول أن الحزب الجمهوري قد لا يستطيع ترميم صفوفه بعد ترامب، مع أن لقبه «الحزب العظيم القديم». هو حزب أبراهام لنكولن ودوايت آيزنهاور. إلا أنه في السنوات الستين الأخيرة حزب الممثل الفاشل رونالد ريغان، وحزب جورج بوش الابن أيضاً، وهذا فاز بالرئاسة سنة ألفين بقرار من المحكمة العليا وخمسة قضاة معه وأربعة ضده. منافسه آل غور نال عدداً أعلى من أصوات الناخبين، ونتيجة الانتخابات زوِّرَت ليفوز بوش الابن في فلوريدا، فكان أن ألوف الشباب الأميركيين قُتِلوا في حروب أسبابها ملفقة عمداً، ومعهم حوالى مليون عربي ومسلم. ترامب أصبح رئيساً وربما يقود الولايات المتحدة إلى حرب عالمية ثالثة، حذر منها معلقون أميركيون كثيرون.
لن أخوض مقارنة بين ترامب وكلينتون لأن في هذا إهانة لها، ما أقول هو أن حزب الشاي سرق الحزب الجمهوري من أركانه الكبار، وأن ترامب سرق الحزب الجمهوري من حزب الشاي.
انتصار ترامب خسارة للديموقراطية الأميركية وللسلام في العالم كله.