ترامب يصارع للإستئثار بالسياسة الخارجية من دون أن يُفلح
برودة في تلقّف الحلول لأزمة التأليف والداخل يُربط على توازنات الخارج
تشتدّ أزمة تشكيل الحكومة على وقع رفض بيت الوسط استقبال النواب السنّة المعارضين وتمسّك اللقاء التشاوري بتوزير أحد أعضائه لا شخصا يسمّيه هؤلاء ويكون مقبولا من الجميع.
ترى مصادر مواكبة لتطوّرات الأزمة السياسية التي دخلت الشهر السابع، تقاطعا مع جملة توتّرات في المنطقة والعالم جمّدت الحلول على أكثر من مستوى، وعليه ليس مستغرباً أن تتوقّف عجلة الدفع باتجاه الولادة الحكومية بالديناميكية التي شهدتها قبل قرابة الشهر. وتقول المصادر إنّ الضغوط التي يتعرّض لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من قبل الكونغرس بعد الانتخابات النصفية الأخيرة على خلفية مقتل الصحافي السعودي المُعارض جمال خاشقجي، يُضاف إليها اشتداد الصراع الأميركي- الإيراني وضبابية المرحلة في سوريا مع الهدنة الهشّة في إدلب، كلّها عوامل أساسية كفيلة بتجميد مرحلة الحلول وإمكان تمرير التسويات في أكثر من ملفّ في المنطقة ومن بينها لبنان. ويضيف هؤلاء أنّ الرئيس الاميركي الذي دأب منذ وصوله الى البيت الابيض قبل سنتين على تحجيم المؤسسات الاميركية الفاعلة في صناعة القرار بغية استئثاره في وضع السياسات الداخلية والخارجية لم يفلح في الوصول الى الهدف المنشود. فعلى الرغم من محاولاته إسكات وزارة الخارجية عبر إزاحة ريكس تيليرسون وتعيين مايك بومبيو الذي سبق ان شغل في عهد ترامب منصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الـ«سي.أي.ايه»، فإنّه اصطدم بعائق أكبر هو الكونغرس ووكالة الاستخبارات التي ترأسها حاليا جينا هاسبيل. ويظهر التباين بين ترامب وكلّ من الكونغرس والـ«سي. أي. ايه» في أكثر من ملفّ يبقى أبرزها التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، ولن تكون آخرها العلاقة مع الرياض على خلفية مقتل خاشقجي.
وتشير المصادر المواكبة ذاتها إلى أنّ وضعية ترامب الداخلية باتت تحكم العديد من المسارات الخارجية المتفرّعة عن سياسة البيت الأبيض، كما أنّ بعض دول المنطقة يلعب على الملفّات الداهمة من باب التكتيك الجيو- سياسي لكسب نفوذ ومواقع متقدّمة في تزعّم المنطقة وفرض نفسه لاعبا أساسيا في الأزمات والحلول، تماما كما تفعل تركيا- أردوغان.
هذه التطوّرات التي حجبت الاهتمام الدولي عن تفاصيل الأزمات لتركّز على عناوينها الكبرى، ترخي بثقلها على ملفّات المنطقة ومن بينها الواقع اللبناني الرازح، بنظر العديد من المراقبين، تحت وطأة الانتظار لما ستؤول إليه التقلّبات الدولية.
وفي الوقت الضائع قد يكثر الحديث عن اقتراب الوضع الاقتصادي من شفير الهاوية والتهويل بالوضع النقدي وقد تكثر الحملات والحملات المضادة بين من تبقّى من خصوم في السياسة، في حين تستمرّ المحاولات للخروج بحلّ لبناني لأزمة التشكيل من خلال المبادرة التي يتولّاها وزير الخارجية جبران باسيل بتكليف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي لا يبدو أنّها تحظى بمناخ مساعد على الحلّ، وهو ما يُترجم حتّى الساعة بغياب أيّ حماسة لتلقّف المخارج والحلول التي طُرحت وتُطرح. ولعلّ ما أعلنه عضو التكتل الوطني النائب جهاد الصمد على هامش لقاء الأربعاء النيابي أنّ «الحكومة يمكن أن تتشكل اليوم إذا قبل الوزير باسيل بـ 10 وزراء بدلا من 11، على أن نتمثل (أي اللقاء التشاوري السني) بوزير واحد»، يطوي بين سطوره السبب الأساسي لفرملة ولادة حكومية كادت أن تتحقّق.