صفقة العصر التي تمّ عقدها في الكواليس المظلمة لتطويب القدس وفلسطين لاحقا لمصلحة الاحتلال الاسرائيلي وحكومة اسرائيل العنصرية، كانت تحتاج لتنفيذها الى شركة عملاقة تضمّ شركاء من أصحاب الهيمنة العالمية والاقليمية. ورسا الالتزام بأسلوب المزايدة على حبّ اسرائيل ودعم تفوّقها، من أطراف أثبتت انحيازها للدولة العبرية على حساب فلسطين وشعبها والأمة جمعاء عربا ومسلمين، فكانت مقاولة العصر لتنفيذ صفقة العصر! وتولى الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئاسة مجلس ادارة مقاولة العصر بعضوية شركاء من المنطقة، على اعتبار انهم قادرون على الضغط على كل الأطراف الأخرى الغاضبة والمعترضة على هذا الظلم التاريخي واللاعدالة الانسانية، وهو الأمر الذي تعجز اسرائيل عن القيام به!
قرّر الرئيس الأميركي ترامب ايفاد نائب الرئيس مايك بنس الى المنطقة لمباشرة مهمة التنفيذ على عجل، ولكنهما فوجئا معا – الرئيس ونائبه – بسلبية عامة في المواقف ورفض استقبال الضيف الأميركي الثقيل من أوساط معنية مباشرة بالقضية الفلسطينية والقدس، فتقرّر تأجيل الجولة لبعض الوقت ريثما يتم تذليل بعض الصعوبات! وبعد انتظار لم يطل طويلا، بدأ نائب الرئيس الأميركي جولته الأولى، وكانت محطته الأولى في الأردن. ولم يحضر مايك بنس مفاوضا أو محاورا أو ملاينا، بل جاء حاملا سيف العقوبات والحرمان من المساعدات، وانزال الحرم السياسي والاقتصادي ضدّ كل من تسول له نفسه التمرّد على من نصّب نفسه ديّانا للبشرية في البيت الأبيض!
لم تعد قضية القدس وفلسطين معركة بين أنظمة عربية واسرائيل، وانما تحوّلت الى مقاولة تتولاها أميركا بمساعدة شركاء لها في المنطقة والعالم، لتنفيذ مجزرة بحق الفلسطيني، وتوجيه طعنة الى قلب المعتقدات الدينية في العالمين الاسلامي والمسيحي. والمعركة الحقيقية اليوم تجري بين معسكرين، أحدهما غاصب ومتجبّر ومستكبر بقيادة رجل مهووس حملته الصدفة الى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية ويضم مهووسين من أمثاله في اسرائيل والمنطقة من جهة، والثاني معسكر يضمّ شعوب المنطقة العربية والاسلامية، والأحرار في العالم المسيحي من جهة ثانية. ولم ينتصر ظالم في التاريخ إلاّ موقّتا، وكل احتلال الى زوال…