Site icon IMLebanon

لغة القوة التي يعتمدها ترامب تُهدِّد مصالح أوروبا

 

مع التطورات الاخيرة على الصعيد العالمي قد يكون النموذج الكوري الشمالي اكثر جاذبية بالنسبة للمسؤولين الايرانيين حيث يمكن التفاوض من موقع القوة دون ان تقدم اي شيء للولايات المتحدة الاميركية سوى ان تتحدث معها بلغة غير اللغة المتساهلة.

هذا الامر، وحسب الاوروبيين، اصبح مقبولًا اكثر واكثر مع مزاجية ترامب ومحاولته الخروج من الاتفاقية النووية التي وقعت مع ايران في العام ٢٠١٥ وهو الاتفاق الذي يسيطر على البرنامج النووي الايراني مقابل تخفيف العقوبات، ويعتبر بمثابة جهد عالمي من قبل دول العالم الكبرى لا سيما الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين. وانهياره يعني انسحاب الولايات المتحدة، مع ما يعني ذلك من تداعيات على تطوّر الحروب الدائرة في سوريا واليمن.

ويعني ايضًا توتر العلاقات بين اميركا والحلفاء التقليديين في اوروبا، ويعني فيما يعنيه استصدار عقوبات جديدة ضد ايران على انشطه اخرى مثل برنامجها الصاروخي او دعمها للمجموعات التي تصنفها الولايات المتحدة بأنها ارهابية.

والملفت ان هذه الامور تقع خارج نطاق الاتفاقية النووية، وتعيين Pompeo وهو المعارض الشديد لهذه الاتفاقية رسالة واضحة من ترامب مفادها ان واشنطن سوف تصلّب موقفها مع اقتراب ١٢ ايار وهي الفترة المحددة لتجديد العقوبات الاميركية على طهران.

وأدى تعيين Pompeo في الخارجية الاميركية الى ازالة الشكوك حول نوايا ترامب بالانسحاب من الاتفاقية وجرّ حلفاءه الاوروبيين في هذا الخيار الامر الذي يعارضه الاوروبيون جملة وتفصيلًا ويعتبروه خطوة جديدة نحو تفكيك الاتفاقية.

شهر ايار هو الشهر نفسه الذي يواجهه ترامب للتفاوض مع دكتاتور كوريا الشمالية كِيم يونغ وسابقة لم يجرؤ اسلافه على فعلها وهي اقناع الكوريين الشماليين بالحد من تسلحهم النووي، وعليه ان يستحصل على اتفاقية ببنود افضل من التي حصلت مع ايران في العام ٢٠١٥ وهو امر يكون شبه مستحيل لا سيما وان كوريا الشمالية بخلاف طهران لديها بالفعل والواقع اسلحة نووية.

وتبدو الشروط الآن مختلفة على الرغم من ان اتفاقية ايران تطلبت تسعة اشهر من المفاوضات السرية تبعتها سنتين من المفاوضات العلنية واسعفها موقف موحد من الولايات المتحدة والاوروبيين وروسيا والصين واي من هذه الامور غير موجود الآن في التعامل مع كوريا.

قد يكون ابطاء ما يفعله الكوريون او الحصول على جدول زمني للعمل في المستقبل يشكل خطوة كبيرة حسب Christofer Hill الذي كان في مفاوضات الولايات المتحدة مع كوريا تحت ادارة الرئيس جورج بوش لكنه اضاف ان هذه المفاوضات لن تكون بالشكل نفسه كالتي جرت مع ايران. وجزء من المشكلة ان تجربة كوريا الشمالية مع برنامجها النووي طويلة وعميقة مما يجعلها بارعة في التفاوض واستعمال لغة قد تكون غير اللغة التي استعملتها طهران في اتفاقيتها المعهودة.

وقد يكون ترامب، وعلى عادته، غير قادر على المثابرة في المحادثات والسير قدمًا في تطبيق الاتفاقيات اذ كل ما يفعله عن قصد او غير قصد هو خرق جميع الاتفاقيات النووية والتجارية والمناخية ومحاولته زعزعة الاتفاقية مع ايران لن تكون آخرها. وللعلم، اي فشل للاتفاق النووي مع ايران لن يكون الاخير. واي فشل للاتفاق النووي مع ايران سيكون خسارة كبيرة للتحقيق النووي والتعددية حسب رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية يوكيا امانو.

بالمختصر، هل اوروبا مستعدة لمواجهة مع حليفها العتيدة والمدافعة عن مصالحها والتي باتت كبيرة مع طهران وبعضهم ذهب الى حد القول انه يجب ان لا يرضخوا لضغوط واشنطن، وحتى فريديريكا موغيريني هاجمت الرئيس ترامب دون تسميته وقالت ان العزلة السياسية لن تؤدي الى نتيجة وقالت ان الاتحاد الاوروبي حاليًا هو الوحيد الذي يتمتع بالمصداقية.

كذلك، يؤيد مجتمع الاعمال في اوروبا الاتفاق النووي ويدعمه وحريص على ان لا تشكل العقوبات الاميركية اي تأثير على الشركات الاوروبية. ومن الضروري ان يكون للاوروبيين خطة رديفة تسمح لهم بحماية مصالحهم الاقتصادية والمستثمرين الاوروبيين اذا ما قررت واشنطن في نهاية الامر الانسحاب من الاتفاق الذي تمّ التوصل اليه في تموز ٢٠١٥.

واذا تمّ التوافق على انه توجد عيوب في الاتفاقية فالاتحاد الاوروبي وحسب بعضهم يجب ان يسعى جاهدًا لتصحيح هذه العيوب مع اصرارهم الدائم على عدم نقض اتفاقية التعاون، علما ان ايران وحسب الجميع بمن فيهم وكالة الطاقة الذرية ملتزمة جدًا ببنود الاتفاقية واي نقض لها يهدد المنطقة بكاملها ويجعل من اسرائيل الرابح الوحيد في هذه اللعبة، لذلك قد يكون من واجب الاوروبيين السعي دائمًا ليس فقط لحماية مصالحهم الاقتصادية انما ايضًا للعب دور بناء في السلام العالمي.

وحسب steve Blockman رئيس السياسة الخارجية في مركز تابع للدراسات الاوروبية «قد يكون على الاتحاد الاوروبي ان يعمل بصورة مستقلة عن الولايات المتحدة في ما يتعلق بـ JCPOA الأتفاقية النووية، وكما كان يفعل عندما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة وعملية السلام في الشرق الاوسط بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. واشار الى ان الاتحاد الاوروبي عليه الصمود لدعم مبدأ «العقد شريعة المتعاقدين» احد الاركان الاساسية للقانون الدولي.

لكن وعلى ما يبدو فإن ترامب ضرب بسياسته المتناقضة بعرض الحائط القوانين الدولية والاعراف وانهى اتفاقيات كانت بناءة وجعل من لغة القوة هي المسيطرة في المجتمع الدولي.