Site icon IMLebanon

يتساءل الإيرانيّون إذا كان فوز ترامب سيؤدّي إلى تغييرات

 

أليسا جي. روبين- نيويورك تايمز

 

في حين أنّ العديد من الإيرانيِّين في طهران يَرَون أنّ دونالد ج. ترامب كان كارثياً على بلادهم، يأمل البعض أنّه قد يكون أكثر انفتاحاً على المفاوضات في ولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة. عندما كان دونالد ترامب في منصب الرئاسة آخر مرّة، كانت النتائج كارثية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

فبصفته رئيساً، انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي بدأ في تخفيف العقوبات مقابل تقليص طهران لقدراتها النووية. وأضاف 1500 عقوبة جديدة، بما في ذلك على مبيعات النفط الإيرانية وقطاعاتها المصرفية، ممّا أدّى إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني. وأمر باغتيال القائد العسكري الإيراني المحبوب، اللواء قاسم سليماني، الذي كان مصنّفاً كإرهابي من قِبل الولايات المتحدة.

 

 

مع ذلك، وبينما يسعى ترامب إلى ولاية ثانية، يعتبر بعض الإيرانيِّين إنّه قد يكون خياراً أفضل بالنسبة لهم من كامالا هاريس – أو على الأقل ليس أسوأ.

يرى فرهاد (34 عاماً)، وهو معلم للغة الإنكليزية لطلاب الجامعة: «بما أنّه يريد أن يكون مَن يجعل أميركا عظيمة مجدداً، ويرى نفسه كرجل مفاوضات، ربما سيجري مفاوضات». مثل عدة أشخاص آخرين تمّت مقابلتهم لهذا المقال، طلب فرهاد استخدام اسمه الأول فقط.

 

في أكثر من 20 محادثة أُجريت مع أشخاص في طهران خلال الأسبوع الماضي، كانت الانتخابات الأميركية ونتائجها محط اهتمام الكثيرين، وتكهّن الكثيرون بما قد يعنيه الفرق بين هاريس وترامب لإيران. وأُجريت المحادثات بوجود مترجم حكومي.

 

يرى معظمهم أنّ هاريس شخصية ستستمر في سياسات إدارة بايدن، بينما يعتبرون أنّ ترامب قد يقوم بتغييرات وقد يكون الأفضل من بين خيارَين سيّئَين، على رغم من أنّه كان داعماً قوياً لإسرائيل، التي تعتبرها إيران عدواً لها.

 

وأشاروا إلى ما يرَونه كراهية ترامب للحروب الخارجية، مشيرين إلى أنّ إدارته تفاوضت على إطار للانسحاب من أفغانستان، وتعهّد ترامب مؤخّراً بـ»إنهاء المعاناة في لبنان»، وانفتاحه النسبي تجاه روسيا، الحليف الإيراني.

 

يشرح فرزين (24 عاماً)، وهو بائع هواتف في متجر بوسط طهران مقابل جدارية ضخمة تصوّر جندياً إسرائيلياً يتسلّم أسلحة من رجال يرتدون بذلات غربية: «الإيرانيّون يريدون فوز ترامب لأنّه سيوقف الحرب في إسرائيل وغزة، ربما ليس فوراً، لكن قريباً. سينهي الحرب في أوكرانيا وروسيا وهو ينفّذ ما يقوله».

من بين الانتقادات الرئيسة التي توجّهها الولايات المتحدة لإيران، بالإضافة إلى طموحاتها النووية، دعمها للجماعات المسلّحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك في لبنان والعراق واليمن وغزة. وركّزت الانتقادات مؤخّراً على «حماس» و»حزب الله»، اللذَين تخوض إسرائيل معهما حرباً بعد هجمات قادتها «حماس» في 7 تشرين الأول 2023.

 

حتى هذا العام، كانت إسرائيل تنفّذ معظم الهجمات على الجماعات المدعومة من إيران بدلاً من إيران نفسها. لكن تغيّر الوضع في الربيع الماضي عندما ضربت إيران. ومنذ ذلك الحين، دخلت الدولتان في سلسلة من الهجمات المتبادلة التي وضعت المنطقة على حافة الخطر. وأعلنت إيران الأسبوع الماضي أنّها ستردّ على أحدث هجوم إسرائيلي، ممّا يهدّد بتصعيد جديد.

عندما سُئلت هاريس في مقابلة مع «60 دقيقة» الشهر الماضي عن «أعظم خصم أجنبي» للولايات المتحدة، أوضحت أنّ «الإجابة الواضحة» هي إيران. أمّا ترامب، فيرى بأنّ على إسرائيل «ضرب المنشآت النووية أولاً والقلق بشأن الباقي لاحقاً»، بعد أن أطلقت الأخيرة صواريخ على إسرائيل.

 

أكثر الإيرانيِّين المحافظين الذين تمّت مقابلتهم في طهران، استبعدوا وجود أي فرق بين المرشحَين والحزبَين اللذين يمثلانهما.

وأوضح إبراهيم رضائي، نائب محافظ من بوشهر وعضو في لجنة السياسة الخارجية والأمن في البرلمان الإيراني: «لا يهمّ من يُنتخب. في حساباتنا السياسية، لا نأخذ في الاعتبار مَن هو رئيس الولايات المتحدة».

 

وأعرب محمد جواد أخوان، محرّر جريدة «جوان» المحافظة، عن وجهة نظر مماثلة. لكنّ الأشخاص الآخرين الذين تمّت مقابلتهم، يعتقدون أنّ أي شخص يتولّى السلطة في واشنطن، سواء بسياسات جديدة أو باستمرار للسياسات القائمة، سيترك بصمة دائمة على الحياة اليومية في إيران.

 

وتشرح نازنين (23 عاماً)، طالبة دراسات عليا في اللغة الإنكليزية، كانت تحتسي الـ«كابتشينو» مع صديقة في مقهى قرب جامعة طهران بينما يعزف الجاز في الخلفية: «الانتخابات الأميركية لها تأثير أكبر على إيران من انتخاباتنا الرئاسية. رأينا دونالد ترامب ونعلم أنّه سيغيّر العديد من السياسات التي ستؤثر علينا».

وتضيف إنّه خلال الولاية الأخيرة لترامب، أدّت العقوبات والإدانات التي وجّهها إلى إيران إلى شعور الإيرانيِّين الشباب بالانعزال، غير قادرين على السفر إلى الغرب للدراسة أو العمل، أو حتى الوصول إلى العديد من المواقع الإلكترونية. وأشارت إلى هاتفها المحمول قائلة: «هذا هو كل ما يربطني بالعالم الآن».

 

تتابع صحيفة «شرق»، وهي الصحيفة الإصلاحية الرئيسية في إيران، الانتخابات الأميركية بحماسة. ويشمل موقعها الفارسي مقطع فيديو يشرح نظام المجمع الانتخابي وأهمية الولايات المتأرجحة، بالإضافة إلى مقالات عن مواقف ترامب وهاريس السياسية.

 

ويعتقد مهدي رحماني، رئيس تحرير الصحيفة: «إذا قال أحد هنا إنّ الانتخابات الأميركية ليست مهمّة، إمّا أنّه لا يفهم الانتخابات الأميركية أو أنّه يكذب». ويضيف، مشيراً إلى أنّه خلال إدارة أوباما، وقّعت إيران الاتفاق النووي الذي كان من الممكن أن يؤدّي إلى رفع كبير للعقوبات عن إيران. «في عهد ترامب، خرجنا منه».

 

وعلى رغم من أنّ ترامب يشغل مكانة كبيرة في أذهان الإيرانيِّين الذين تمّت مقابلتهم في طهران، إلّا أنّهم أقل وضوحاً بشأن ما تمثله هاريس، باستثناء أنّها ستستمر في سياسات الإدارة الحالية.

 

ويعتقد سامان تقوي، مستشار أعمال يعمل في التسويق للصالونات التجميلية والشركات الصغيرة المحلية: «إذا فازت كامالا هاريس، ستكون سياستها مشابهة لبايدن، بالتالي ستنضمّ روسيا والصين أكثر إلى إيران وتشكّل مثلث قوة».

 

وأضاف، معبّراً عن وجهة نظر شائعة هنا، بأنّ الديمقراطيِّين يظلون أكثر انفتاحاً على إيران من الجمهوريِّين: «سيكون هناك تفاعل أكبر بين بلدَينا إذا أصبحت هي الرئيسة؛ مع ترامب سيكون هناك مواجهة».

ويشكّ حسن أحمديان، أستاذ مساعد في دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران، في أنّ الإيرانيّين الذين يعتقدون أنّ إيران ستكون أفضل تحت حكم ترامب، قد أخذوا في الحسبان كل ما قد تعنيه رئاسة ترامب.

 

يضيف أحمديان: «مع ترامب، هناك العديد من الطبقات المختلفة». وبينما قد يكون الإيرانيّون مدركين لجانب أو آخر من شخصية ترامب، إلّا أنّهم أقل احتمالاً لفهم التأثير المهمّ، لكن غير المرئي لمستشاري الرئيس السابق.

 

 

وعلى رغم من أنّ ترامب قد يكون ميّالاً للتفاوض مع إيران، كما يأمل بعض الإيرانيِّين عندما يسمعون الرئيس السابق يصف نفسه بأنّه صانع صفقات، فإنّه من غير المرجح أن يجد شريكاً في طهران، بحسب أحمديان.

 

قد يرغب ترامب في «صورة مع قائد، لكن لن تكون هناك نتيجة مضمونة»، يضيف أحمديان، مشيراً إلى أنّ القيادة الإيرانية «تميل إلى تجنّب المخاطر» بالنظر إلى تجربتها السابقة مع ترامب.