تتجه الكتل الكبرى إلى توفير مناخ ملائم لعقد جلسة الثقة اقتناعاً منها بأنّ الفراغ قاتلٌ في السلطة التنفيذية.
إلاّ أنّ توفير النصاب (براحةٍ) لا يعني مهادنة الحكومة، وطبعاً لا يشكل مدخلاً لمنحها الثقة. فالنواب الذين سيمنحونها معرفون سلفاً وهم ينتمون إلى كتلتي الثنائي الشيعي وتكتل لبنان القوي.
ويبقى موقف الوزير وليد جنبلاط «حائراً» حتى ربّـما قبيل انعقاد الجلسة بقليل: يحضر نواب الحزب الاشتراكي وزملاؤهم في كتلة اللقاء الديموقراطي أو لا يحضرون؟ يمنحون الثقة أو يحجبونها.
وللمختارة أن تختار بين اعتبارها ممثلة في الحكومة بالوزيرة عبد الصمد أو غير ممثّلة إطلاقاً. فإذا اعتبرت نفسها ممثلة فمن الطبيعي أن تمنح الثقة وإلاّ فتحجبها، أو تمتنع عن التصويت، أو في أبعد الحالات مدىً تقاطع الجلسة.
أمّا كتلة تيار المستقبل فالموقف أوضحه غير نائب من أعضائها وخلاصته حضور الجلسة والمشاركة في المناقشات التي سيغلب عليها الكثير من الحدّة، ومن ثم حجب الثقة عن الحكومة.
وأما تكتل الجمهورية القوية (نواب القوات اللبنانية) فقد حدّد الدكتور سمير جعجع موقفهم بوضوح غير مكتمل. أمّا الوضوح فهو قرار حضور الجلسة، والجانب الآخر من الوضوح هو عدم إعطاء الحكومة الثقة. أمّا غير المكتمل في هذا الوضوح الجزئي فهو عدم إعطاء الحكومة الثقة: فهل يكون التمنع عن منح الثقة بحجبها أو بعدم التصويت؟! مع الملاحظة ذات الأبعاد وهي أن الحكيم تحدث عن أن هناك «عدداً من الوزراء من أصحاب السمعة والسيرة الجيدتين» مضيفاً الى ذلك أن حزب القوات «لن يهاجم الحكومة على غير هدى». مشيراً الى «أننا سننتظر لنرى».
هل يتناغم موقفا المستقبل والقوات مع «الإشارات» الدولية العديدة التي تتجه إلى إعطاء الحكومة فسحةً من الانتظار والترقب كي لا يأتي الحكم عليها مسبقاً، إنما على ما تفعل وما لم تفعل؟
حتى التيار الوطني الحرّ الذي يتمثل (مع رئيس الجمهورية) بعدد وفير من الوزراء ويتجه الى منح الحكومة الثقة، يبدو أنه سيتعامل معها «بالقطعة». وهذا التوصيف ليس من عندياتنا بل هو ما يبدو أنه تم الاتفاق عليه في أوساط الوزير جبران باسيل والتكتل الذي يترأس… أي أن الثقة ليست «شيكاً على بياض» كما قيل حرفياً.
وتبقى مواقف النواب «المستقلين» الذين لم يحددوها بعد… مثال النائب نهاد المشنوق الذي قال لنا إنه سيحضر الجلسة وهو حتى الساعة لم يحدد موقفاً نهائياً من الثقة: يمنحها أو يحجبها، وإن بدت منه تحفظات عن البيان الوزاري في الصيغة التي سُرّبت ليل الأحد – الاثنين.
ولكن ما هو موقف الثورة؟
ذلك هو السؤال المركزي، والجواب عليه يمكن أخذه من تصريحات غير طرفٍ منهم، إذ تميل أكثرية هيئاتهم التنسيقية الى العمل على عرقلة وصول النواب الى ساحة النجمة. وهذا قد يكون متعذراً تحقيقه كون السلطة اتخذت استعدادتها بالرغم من تلك العبارة المروعة التي قالتها إحدى السيدات في برنامج تلفزيوني «رح نروح نشرب دمهم»!
وهو كلام يفوق الخيال يصدر عن شابة في ريعان العمر، لا تبرره أي معاناة مهما كانت كبيرة.