الجولان مسرحاً جديداً للاشتباك
محاولة وضع «حزب الله» في «مصيدة» التكفيريين
تشهد عملية القنيطرة، التي استهدفت فيها غارة إسرائيلية موكباً لكوادر من «حزب الله»، بأن الحكومة اليمينية المتطرّفة بقيادة بنيامين نتنياهو على غرار بقيّة الأفرقاء المعنيين، أصبحت أكثر انخراطا بالحرب السورية المعقّدة والخطرة جدّا. هذا التطرّف الإسرائيلي سيحمل تداعيات على الجبهة الشمالية مع فلسطين المحتلّة.. وجنوب لبنان هو جزء منها.
ينبّه المحلّل الإستراتيجي الأميركي نيكولاس نو الى أنّ «هجوم القنيطرة تجاوز قواعد اللعبة المتعارف عليها في الأعوام الأخيرة، وهو يطرح علامة استفهام تتناول تعميق إسرائيل لانخراطها في الحرب السورية واستتباعا مع حزب الله نظرا الى قتاله في هذه الحرب».
تبعا لهذا الاستنتاج، فإن إسرائيل، التي كانت مطمئنّة الى «حزب الله» لإمساكه الحدود الشمالية مع لبنان وتنظر إليه كـ»عدوّ عقلاني»، بدّلت قواعد الاشتباك فجأة من خلال غارتها على دوريّة الاستطلاع الخاصّة بـ «حزب الله» في القنيطرة، على حد ما يقول نيكولاس نو.
ولم يكن التنسيق الوطيد بين إسرائيل و «جبهة النصرة» في الجولان والمناطق المحيطة، مثل القنيطرة ودرعا، خافيا على «حزب الله» في الآونة الأخيرة، وهو تنسيق يصبّ في خانة إحداث انقلاب ميداني في موازين القوى في سوريا لصالح الجماعات المتطرّفة التي تريد طرق أبواب العاصمة دمشق.
تمدّد الانخراط الإسرائيلي في الحرب السورية غير واضح التأثير بعد على جنوب لبنان، حيث لا يزال «حزب الله» اللاعب الوحيد القادر على حفظ الاستقرار في تلك المنطقة الحدودية.
يقول نيكولاس نو، وهو شريك مؤسس لموقع «ميديست واير»: «لا يمكن الإجابة عن مصير جنوب لبنان، لكن كمحلل أقول إن هضبة الجولان ستكون مسرحا لأعمال عنف متصاعدة عوضا من جنوب لبنان. لكنّ هذا التبدل لا يصبّ حكما في مصلحة لبنان، بل هو أشدّ خطورة عليه، لأن الاشتباك يكون عادة بين المقاومة ممثلة بحزب الله وحلفائه المعروفين وبين إسرائيل، تحت مظلة الدولة اللبنانية. لكنّ انتقال هذا الاشتباك التقليدي الى سوريا ليصبح بين حزب الله وإسرائيل ومعها جبهة النّصرة وداعش يبدو أمرا خطيرا جدّا ولا يمكن السيطرة على هذا السيناريو أو توقّع النتائج المترتّبة عنه».
هذا التعمّق الإسرائيلي غير المسبوق في الحرب السورية من جهة، وبالصراع مع «حزب الله» من جهة ثانية، ليس اعتداء إسرائيليا تقليديا يستوجب مجرّد ردّ من «حزب الله».
يقول نو: «أخشى بأن الإستراتيجية الإسرائيلية هي أبعد من لعبة الاشتباك التقليدية المحدّدة، وهي لعبة حشر حزب الله داخل سياج من ضمنه جبهة النصرة وداعش. وبالتالي يستفيد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من فترة انشغال الولايات المتّحدة الأميركية بمشاكل سياسيّة عدّة، مدركا بأنّ المسؤولين الأميركيين لم يكونوا في مناخ التطوّر التوسّعي الجديد للحرب السورية».
يحذّر نو: «أتمنّى أن ترى إدارة أوباما بوضوح إلى ما يمكن أن يؤدي هذا التطوّر الجديد إذا تمادت إسرائيل بانخراطها الى جانب جهة دون أخرى في الحرب السّوريّة، لكنّ الأمر صعب برأيي نظرا الى الديناميّة القائمة حاليّا بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وبين الحكومة الإسرائيلية من جهة، وعلى أبواب الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، وبالتالي تبدو الولايات المتحدة غائبة عن هذا النوع المختلف من توسيع الصراع الذي أقدمت عليه إسرائيل، وهو خطر جدّا».
يرى نو أن «ما يصعّب الحركة الأميركية، وجود كونغرس يسيطر عليه الجمهوريون بغالبية كاسحة هي الأولى من نوعها بعد الحرب العالمية الثانية، لذا يبدو هامش الحركة لدى الرئيس أوباما ضيّقا ويمنعه من القيام بما يقوم به في الحالة الطبيعية، أي محاولة تهدئة الأمور ومنعها من التدهور نحو أوضاع خطرة يصعب السيطرة عليها».