ليس صحيحاً أنّ هناك حملة تهويل هادفة الى إبقاء حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة في موقعه، بل الصحيح أنّ هناك حملة مضادة تستهدف الرجل لم تتوقف منذ بضعة أشهر، يريد أصحابها إبعاد الرجل عن موقعه وهو الذي ارتبطت به ايجابيات عديدة أبرزها صيانة العملة الوطنية من الخلل في ظروف صعبة جداً ودقيقة جداً.
أن يكون اسم رياض سلامة قد ارتبط بسلامة الليرة وقدرتها على الصمود في وجه التقلّبات العديدة فهذا فخرٌ له بقدر ما هو ضمانة للعملة الوطنية، واستطراداً فهذا لا يعيبه، بقدر ما يكشف النوايا الخبيثة للذين يحملون عليه مجازفين، ربما، بالوصول الى انهيار مالي لا يتحمّله لبنان في أي حال.
نحن لا نقول بأنّ سلامة العملة مرتبطة برجل واحد هو رياض سلامة، ولكننا نجزم بأنّ الاسلوب الذي اعتمده حاكم مصرف لبنان قد وفّر حماية ملحوظة، فهل يكون المطلوب إزاحته تنفيذاً للأحقاد والضغائن والأهداف المبيتة.
آخر “ابتكارات” هذه الحملة ما كتبه أحدهم، أمس، في إحدى الصحف زاعماً أنها المرة الأولى منذ وقت طويل يختفي الإجماع المصرفي على شخصية رياض سلامة وقد تكون المرة الأولى منذ ربع قرن تقريباً يخرج فيها مصرفيون كبار عن صمتهم ويعلنون تأييدهم للتغيير في منصب الحاكمية ويدعون الى تصحيح الوضع داخل مصرف لبنان.
والرد على هذا الكلام يأتي منه وفيه، فمن هم “المصرفيون الكبار” الذين خرجوا عن صمتهم؟ واضح من المتابعة اليومية للتطورات والمستجدات المالية والمصرفية أنّ هناك إشادات متواصلة من أركان جمعية المصارف ومن كبار المصرفيين فعلاً، المعروفين بالاسم، بالدكتور رياض سلامة، إنطلاقاً من تثمينهم دوره لخدمة القطاع وقبلاً للإستقرار المالي.
أمّا القول إنّ “مصرفيين كباراً” يدعون الى “تصحيح الوضع” داخل مصرف لبنان فلا نذكر، أو يذكر أحد، أنّ أولئك “الكبار” تحدثوا في هذا الشأن… وإلاّ فأين الإثبات؟!.
واللافت في المقال المشار إليه آنفاً أنّ “الجميع ينطلق من رغبة صريحة يبديها الرئيس ميشال عون أولاً ومعه قوى وشخصيات سياسية أخرى في تعيين حاكم جديد للمصرف مع انتهاء ولاية سلامة في تموز المقبل”.
وهذا الكلام فيه “رغبة صريحة” ولكن ليس كما أراد لها كاتب المقال أن تكون، إنما هي “رغبة صريحة” جداً في محاولة زج رئيس الجمهورية في القضية التي يسعون الى تحقيقها… وفي تقديرنا أنّ في هذا الكلام إساءةً “صريحة” الى فخامة الرئيس، هي غير خافية على أحد.
علماً أنّ محاولة ربط الرئيس عون بالحملة لا تتوقف عند ما تقدّم، إنما تبلغ مداها في الكلام الاستطرادي حول مصرف “سيدروس انڤست بنك” وتقدّمه من مصرف لبنان بخطة تمتد على ثلاث سنوات لزيادة فروعه وزيادة موجوداته (…)
ومعلوم أنّ وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري هو أحد أبرز مؤسّسي هذا البنك وكان رئيس مجلس إدارته وقد تخلّى عنها إثر تعيينه وزيراً… وبالتالي فإنّ الوزير خوري هو من حصة الرئيس عون في التشكيلة الحكومية الحالية… وبالتالي فمحاولة التحريض على حاكم مصرف لبنان واضحة من خلال القول إنّه (أي رياض سلامة) ساعد مصارف عديدة على تنفيذ مخططاتها ولكنه يرفض تسهيل مهمة هذا المصرف الذي يعتبر أحد مؤسّسيه والمساهمين فيه مقرّباً من الرئيس.
لذلك يأمل الكثيرون ألاّ يسمح الرئيس ميشال عون لأحد أن يستدرجه الى مثل هذا الفخ…