IMLebanon

«القيصر» ونتنياهو المرشد والسيد

« القيصر» فلاديمير بوتين يريد ان ينجح في سوريا حتى تعود روسيا الى الشرق الاوسط بقوة وثبات، ولتأكيد التحول الكبير في السياسة الدولية في انتهاء زمن الاحادية الاميركية والعودة الى التعددية في إدارة شؤون العالم. لا احد كبير امام تنفيذ طموحاته والاهم لا توجد ممنوعات تعوقه. « القيصر « لاعب شطرنج بارع. من الطبيعي والضروري ان يضحي بأي حجر حتى ولو كانت «الملكة» ليربح «ملكه». الاخلاق في التحالفات آخر هموم «القيصر». 

يعلم «القيصر» مواقف حليفه المرشد آية الله علي خامنئي الأيدولوجي والسياسي من اسرائيل. ايضا يعرف جيدا تاريخ «حزب الله« وقائده السيد حسن نصرالله من القضية الفلسطينية و»السرطان» الاسرائيلي. رغم ذلك فإن العلم بالمواقف شيء وأحكام الضرورات شيء آخر. الطيران الروسي وسلامته له الاولوية الاولى وكيفية النجاح في القصف الجوي وترتيب ارض « الملعب السوري « لتنفيذ مصالحه أمر آخر. 

اسرائيل في قلب الأحداث والقتال في سوريا، جغرافياً وسياسياً. لا يمكن لروسيا وغيرها التحرك دون طرح السؤال المركزي، ما هي ردة الفعل العسكرية والسياسية الإسرائيلية خصوصا في الجولان ومن مستقبل الرئيس بشار الاسد؟. الرئيس الروسي ليس بعيدا عن اسرائيل وعن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولا عن اسرائيل مع وجود مليون إسرائيلي من أصول روسية. لذلك لم ينزل « القيصر « في « المغطس» السوري قبل ان يتفاهم مع نتنياهو على التنسيق الكامل خصوصا وان الطيران الروسي عاد الى الأجواء السورية لأول مرة منذ حرب أكتوبر عام 1973. التنسيق الروسي – الاسرائيلي «دخل مرحلة متقدمة وهو على مستوى عال جداً«، لذا أقيم خط ساخن بين القيادة الروسية مع المستشار في الأمن القومي الاسرائيلي يوسي كوهين لتبادل المعلومات في كل عملية قصف للطيران الروسي وبطبيعة الحال الإسرائيلية داخل الأجواء السورية خصوصا في قطاع الجولان. 

لا يمكن ان تبقى الاتفاقات محصورة في المجال العسكري، للمصالح المشتركة ايضا أثمان سياسية واقتصادية. موسكو تطلع تل ابيب على مسارات المفاوضات حول سوريا بما يحفظ أمنها مستقبلا. الأهم ان ترتيبات واسعة تجري لربط التفاهمات باتفاقات اقتصادية دائمة، لان لا شيء يثبتها سوى المصالح الضخمة. اقترح الروس على اسرائيل: «شراء جزء كبير من حقول الغاز الإسرائيلية وتقديم ضمانات عسكرية ضد هجمات حزب الله على الحقول البحرية « (لمن يريد التوسع عليه مراجعة النشرة الممتازة الصادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية المتعلقة بترجمة مختارات من الصحف العبرية). 

ضمن هذه الاتفاقات الإسرائيلية – الروسية التي تنفذ بدقة، عدم الاعتراض الروسي (او حتى تحذير ايران وحليفها «حزب الله») على أيّ غارة إسرائيلية ضد خط إيصال السلاح الثقيل مثل صواريخ سكود الى لبنان، وقد حصل ذلك قبل ايام وسط صمت أهل الكهف. 

المرشد الذي يُصعّد في هذه الفترة خطابياً ضد «الشيطان الأكبر» ولا يأتي بكلام عن اسرائيل بعد ان استبدلها بالسعودية لانها أوقفت «محدلته» في عدن، وتمنعه من استكمال مشروعه «الهلال الشيعي«، الا اذا اعتبر خطاب العميد احمد بوردستان قائد القوات البرية الذي يذكر بخطابات احمد الشقيري بأن إيران «ستستخدم صواريخها بعيدة المدى وسنمحي اسرائيل من الوجود». الطريف – المؤلم ان ايران التي خسرت عشرات القادة العسكريين في سوريا حتى الآن، مخزونها من سلاح الصواريخ لا يمحي مدينة فكيف بالكيان الاسرائيلي، وان اسرائيل لديها السلاح الكافي للأسف لإلحاق الأضرار الضخمة بإيران، وان الجميع وخصوصا الإيرانيين يعلمون ذلك. 

صمت المرشد عن حليفه الروسي، يجعله شريكا غير مباشر لإسرائيل في الحرب، حتى ولو كانت للضرورة أحكامها فان ذلك لا يعفيه من المسؤولية، ويؤكد في ذكرى 4 نوفمبر عمق الهوة التي تفصل الخطاب الخامنئي عن خطاب وممارسات الامام الخميني، وما ذلك كله سوى للمحافظة على بشار الاسد. 

اما السيد حسن نصرالله فانه لا شك يعلم ان «المغطس« السوري يتحول بالنسبة إليه الى عملية استنزاف بالرجال والمواقف الاستراتيجية، دون ان يكون له موقع اكثر من استشاري عند المرشد، وانه بسبب ذلك عليه ان يصمت عن الحليف الروسي بكل تحالفاته المسيئة الى موقعه وأيضاً مستقبل الغاز اللبناني واستتباعا مستقبل الاقتصاد وأخيراً في وقوف طريق تحرير فلسطين عند الزبداني السورية.