حين جرت المصالحة بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع بصورة رسمية في كانون الثاني من العام الجاري، بدأت الاقاويل تنتشر في المناطق المسيحية بأن «التسونامي» قادم، ولن يترك امامه اي حزب او تيار مسيحي إلا وسوف يجرفه، وبالتالي فالعلاقة المستجدة بينهما ستتخطى ورقة إعلان النوايا، ولن تكتفي بطمأنة الشارع المسيحي والتخفيف من الاحتقان، بل ستتعدى ابعد من ذلك بكثير لانها ستعيد الامجاد الى المسيحيين. لان ما جرى بعد ترشيح ودعم جعجع لعون، وتخليه هو عن ترشيحه كقطب مسيحي الى الرئاسة، خلط كل الاوراق السياسية في لبنان، لانه انهى فريقيّ الرابع عشر والثامن من آذار الى غير رجعة، وبالتالي أنتج حرب إلغاء ضد كل مكوناتهما السياسية. هكذا ترى مصادر سياسية مراقبة لما يجري على الساحة السياسية بين الزعيمين المذكورين.
وتشير الى ان المواقف التي صدرت من قبل الفريقين، اكدت لحظة تحقيق المصالحة على التعاون السياسي بينهما، بدءاً بالانتخابات البلدية ولاحقاً بالنيابية، ما حثهما على إعلان جبهة رفض تحّضرت كواليسها فإنتهت بتشكيل حلف سياسي ماروني، لكن وبحسب ما انتجت الانتخابات البلدية في مراحلها الاربع، فالماضي الاليم بين جعجع وعون ما زال حاضراً اقله في قلوب نصف المسيحيين، لان الحرب التي جرت بينهما اودت بالمسيحيين الى الهلاك واسقطت شهداء من الطرفين. لذا فمشاهد الحلف المسيحي المستجد لم يتقبله البعض بسهولة، وهو يحتاج الى المزيد من القراءة السياسية كي يستوعب الكل صدمته، وبالتالي فالشعب المسيحي تحديداً وصل الى حد القرف من زعمائه الذين اوصلوه الى الخراب.
واعتبرت المصادر المذكورة أن الثنائية المارونية لم تستطع إلغاء الأصوات السياسية الأخرى، والدليل على ذلك نتائج منطقتيّ تنورين والقبيات وغيرها من المناطق التي لم تبرز الى الواجهة كغيرها. ولفتت الى ما رأيناه في صندوقة الانتخاب من اسرار معلنة في الدقائق الاخيرة ، والتي اظهرت فشل الاحزاب والتطلع نحو التغييّر الذي يريده الشعب اللبناني، بسبب فشل تعميم التحالف الانتخابي بين عون وجعجع في عدد كبير من القرى اللبنانية، إضافة الى رفض البعض لمقولة بأن التيار و«القوات» يمثلان 86 في المئة من المسيحيين، وهذه نسبة غير منطقية لان هنالك زعامات مسيحية اخرى موجودة على الساحة، ومنها حزب الكتائب والنائب ميشال المر وحزب الطاشناق وغيرهم، الذين حققوا فوزاً في عدد من البلدات، وكل هذا فتح الباب على مصراعيه باكراً امام الانتخابات البلدية لإعادة النظر في كل السلبيات التي حصلت، وبالتالي ستعمل منذ اليوم على رسم خطوط نيابية جديدة بين الافرقاء، بشأن تحالفات ناجحة يمكن استثمارها ايجابياً.
ورأت المصادر أن على التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية إعادة النظر بما جرى خلال المشهد البلدي ، والعمل على إعادة حضورهما السياسي والشعبي خصوصاً في مناطق جبل لبنان، لان المصالح الشخصية لعبت دورها في بعض المناطق ومنها ما جرى في ضبيه حيث دعم نائب تكتل «التغيير والاصلاح» نبيل نقولا لائحة النائب ميشال المرّ، والامر عينه جرى في منطقة بعبدات، حيث دعم زميل نقولا في «التكتل» النائب سليم سلهب اللائحة المنافسة للتيار.
ولم تستبعد هذه المصادر خلط اوراق غريبة عجيبة في الانتخابات النيابية المرتقبة، لانها ستكون على شاكلة الانتخابات البلدية، أي ان الناس ستقول كلمتها في إتجاه التغيّير النيابي نحو وجوه جديدة لانهم سئموا الاحزاب، وهم يتطلعون اكثر نحو مرشحين جدد، والدليل ان الثنائي العوني – القواتي لم يحصل حتى على نسبة خمسين بالمئة في الانتخابات البلدية، التي شهدت محطات ومفاجآت، في ضوء قراءة النتائج وتداعياتها على الواقع السياسي لاحقاً.
وختمت المصادر بأن الوضع ينطبق ايضاً على باقي المناطق، والدليل الاكبر ما جرى في طرابلس يوم الاحد، بحيث سقطت عروش وتحالفات كبيرة جداً، وعلى ما يبدو ان الشعب اللبناني إستيقظ من سباته العميق ولو بعد حين…