IMLebanon

جلسة الثلثاء “غير شرعية”: الثوّار يريدون فرض جدول أعمالهم

 

كما أصبح معتاداً كل مساء، في عدد من ساحات ثورة 17 تشرين الأول، عقدت جلسات نقاش عدة مساء الإثنين. وفي موقف اللعازارية وسط بيروت نظمت “بيروت مدينتي”، حلقة نقاش بعنوان: “جلسة الثلثاء النيابية: تشريع البروباغندا”. فناقش الحاضرون مع المحاميين نزار صاغية وكريم ضاهر القوانين المطروحة على جلسة مجلس النواب الثلثاء المقبل، والأهداف الكامنة وراء السعي إلى إقرارها. ويبحث الثائرون اليوم في كيفية فرض جدولهم ونسف جدول السلطة.

 

إصرار الرئيس نبيه بري الواضح على البدء بإقرار قوانين محددة، أثار الريبة بين الثائرين، إذ يشكك هؤلاء ببراءة هذه القوانين، ويعتبرون أن الأولوية الآن هي للبدء بالاستشارات النيابية لتشكيل حكومة إنقاذ قبل تشريع أي قانون. أما عن القوانين المفترض تشريعها بعد التشكيل، فيمنح ثائرون الأولوية لتشريع قانون يضمن استقلالية القضاء. إذ لا يرى المحتجون قيمة لأي قانون لمحاكمة الرؤساء والمسؤولين عبر محكمة يعيّن مجلس النواب أعضاءها.

 

هذا الواقع دفع بمنظمي النقاش لطرح أسئلة ومحاولة الإجابة عنها: “هل يمثل جدول الأعمال المقترح أولويات الأزمة ومطالب الناس؟ كيف نقرأ القوانين المطروحة على جدول الأعمال؟ كيف نقرأ رفع الحصانات كما هو مطروح وقانون المحكمة المختصة بالجرائم المالية، وقانون العفو الذي يشكل أكبر مشكلة بالشكل الذي طرح فيه؟ ولمَ الآن وما الهدف منه؟ كيف سنواجه الجلسة وجدول أعمالها؟.

 

وصف صاغية القوانين المقترحة بـ”الكارثية”، أما ضاهر فاتّهم المشرعين الذين يشرعون منذ العام 1990 بتخريب القوانين الموجودة أصلاً. وتعامل المحاميان مع تأجيل الجلسة على أنه انتصار حققته الثورة. فوفق صاغية، “أصبحنا نشكل قوة قادرة على إيقاف الأمور السيئة”. هذا الشعور بالانتصار يدفع بصاغية للذهاب نحو طرح إمكانية تغيير الثوار لجدول أعمال المجلس، “فهم لديهم جدول أعمال يحاولون من خلاله تمرير الدعاية ومصالحهم، ونحن لدينا جدول أعمال يعكس همومنا. وهذا ما سنحاول فرضه”.

 

كذلك يطمح صاغية لفرض حماية التشريع من خلال معرفة كل ما يجري داخل اللجان، “ليصبح للتشريع معنى ولاسترداد الدولة”. جلسات اللجان النيابية سرية، بالتالي لا إمكانية لمعرفة ما يجري داخلها. لذلك يقترح صاغية مستوحياً من التجربة التونسية، أن يقوم نواب من داخل اللجان بنقل ما يجري عبر التغريدات على “تويتر”، ما سيسمح للناس بمراقبة عمل النواب ومحاسبتهم. ويشير صاغية إلى ضرورة نقل جلسات الهيئة العامة على الهواء، بعد ارسال القوانين إليها كونها جلسات علنية.

 

لصاغية نظرته في الثورة، فهي بالنسبة إليه لا تعني بالضرورة تغيير الحاكم بل تغيير المجتمع. “أياً كان الحاكم ولو شكلت حكومة من قديسين سيتحولون إلى زعران في حال ذهبنا ولم نكمل المحاسبة والعكس صحيح”. ورداً على خوف العديد من الأشخاص من إعلان زعماء تأييدهم للثورة، يدعوهم صاغية إلى عدم القلق فـ”التأييد انتصار أياً كان الزعيم، وتراجع الكتل عن قانون العفو هو انتصار لنا لقد سببنا خللاً داخلهم”.

 

جلسة الثلثاء غير شرعية

 

من جهته يرى ضاهر أن الناس الموجودين على الأرض نزعوا الشرعية عن البرلمان، على الرغم من عدم تصويتهم على القوانين. ويعتبر ضاهر أن الجلسة المقررة الثلثاء غير شرعية، “فوفق المادة 32 من الدستور وعندما يكون قانون الموازنة مطروحاً للتصويت عليه في القسم الثاني من السنة، الذي يبدأ الأسبوع الثاني من شهر تشرين الأول، ممنوع أن يلتئم مجلس النواب إلا للبحث بالموازنة فقط، لا لشيء آخر. لقد طرحت مشاريع القوانين على جدول الأعمال خلافاً للمادة 32 من الدستور”. ويرفض ضاهر التذرع بتشريع الضرورة لعقد الجلسة وكذلك التذرع بأن هذه المخالفات ارتكبت سابقاً، “لأن ما يبنى على باطل فهو باطل، ونريد أن تنتظم المؤسسات”.

 

اعتراض ضاهر على الجلسة سببه أيضاً ثقته بأن القوانين المطروحة ستخرّب القوانين الموجودة وستخلق تضارباً في ما بينها. “أهم مشرعين في تاريخ لبنان أتوا بين العامين 1959 و1964، أي في فترة الرئيس فؤاد شهاب. حينها أقرت قوانين مبكلة، جرى تخريبها بعد العام 1990 لأنهم أقروا قوانين لم تدرس بجدية. فنواب اليوم لا يتمتعون بالنضج اللازم لإقرار القوانين، وهم بحاجة إلى مساعدة لإعطاء رأيهم بنضوج، فهم لا يقرأون وإن قرأوا لا يفهمون وإن فهموا لا يعرفون كيف يطبقون”. أما الحل الذي يطرحه ضاهر بدل إقرار قوانين جديدة فهو تعديل القوانين القديمة تجنباً للتضارب في ما بينها. “بدل وضع قانون لاسترجاع الاموال المنهوبة، لما لا ندخله كفصل خامس في قانون الإثراء غير المشروع؟”.

 

وتعليقاً على مسألة رفع السرية المصرفية يلفت ضاهر أنها تطاول فقط الحسابات المصرفية، لكنه يشير إلى إمكانية الاستعلام عن الموجودات بطرق مختلفة من بينها الدوائر العقارية في السجل العقاري. لكن وبناءً على تعليمات وقانون يمنع اللبناني من معرفة الأملاك المسجلة بأسماء السياسيين، بينما يسمح له معرفة الأملاك المسجلة باسم أي مواطن غير سياسي. وعلى الرغم من ذلك يتفاءل ضاهر بأن تجرى يوماً ما محاسبة السياسيين. ويؤكد أن القوانين الاصلاحية التي أقرت وستقر لم تتم برغبة من النواب وإنما لأن الدولة مرغمة منذ العام 2008 على إقرارها تحت طائلة العقوبات.

 

وخلال الجلسة، حضر إلى خيمة النقاش شاب يدعى محمد، وقال إنه أتى بعد أن ذكر أحدهم اسم السيد حسن نصرالله للاعتراض على الأمر، رافضاً اتهامه بالفساد وقال: “نبيه بري لا يهمني لأنه سارق، بينما لا علاقة للسيد بالفساد”. لكن المنظمين تفهموا موقفه وأخبروه ضرورة الالتزام بموضوع النقاش الذي لا يتحدث عن أي من الزعماء. وبعد انتهاء محمد من مداخلته طالبه الحاضرون بالبقاء معهم للاستماع إلى النقاش.