IMLebanon

المؤسسات الأمنية التونسية غير ضعيفة

عن آثار عدم وجود سياسة أميركية واضحة للشرق الأوسط تحدَّث الباحث السابق نفسه المسؤول حالياً في مؤسسة أميركية ذات نشاط دولي واسع ومؤثِّر ومفيد وغير سياسي، قال: “في أي حال تحصد أميركا الآن نتائج عدم وجود سياسة أو استراتيجيا عندها للمنطقة تماماً مثل حلفائها وفي مقدمهم السعودية وتركيا. كان عليها أن تُفهمهم وتقنعهم بأنها لن ترسل جيشاً إلى المنطقة، ولا تستطيع ذلك لأن العالم الإسلامي بشقّيه السني والشيعي لا يحبها، ولأن التطرّف الديني والمذهبي فيه يزداد وبنسبة كبيرة. وتسبّب ذلك بمشكلة لها. فإذا أرادت إسقاط النظام في سوريا أو إقصاء رئيسها بشار الأسد اللذين كانا سبب المشكلة – الأزمة – الحرب فيها عليها أن ترسل قوات عسكرية برّية، وأن توحّد المعارضة السورية المنقسمة على نفسها وأن تدرِّب مقاتليها، وأن تستفيد من الجيش السوري الحر الذي كان عدده بالآلاف ثم فرط إلى حد كبير جراء غياب أي سياسة عندها، وجراء خلاف داعميه العرب والمسلمين وانقسام المعارضة السورية. كيف يسكت العالم عن إصرار بشار الأسد على تحويل الثورة السورية إرهابية وذلك لدفعه إلى التساهل حياله؟ وقد تساهل. أما إلى متى يستمر هذا التساهل فلا نعرف؟”.

ماذا عن المغرب العربي بدوله المعروفة في “إدارة” مهمة جداً داخل الإدارة الاميركية؟

بدأ اللقاء مع المسؤول فيها عن هذه المنطقة من العالم العربي بالحديث عن تونس والتطوّرات التي شهدتها بعد ثورة الياسمين التي اندلعت عام 2010، قال: “إن ما يحصل في تونس أمر جيّد. حصلت انتخابات نيابية. فاز فيها من فاز، ثم أُلِّفت حكومة إئتلافية ضمّت “حركة النهضة” (إسلامية) وحزب الرئيس السبسي العلماني. وهم يحاولون القيام بما يستطيعون. في تونس مشكلات عدة، الإرهاب من أبرزها. لكن أوضاعها لا بأس بها. والجيش والقوى الأمنية يقومون بما يلزم”. علّقت: أنا مرتاح طبعاً للحكومة الإئتلافية بين الإسلاميين “ونداء تونس” العلماني. ويجب أن يستمر الإئتلاف سنوات عدة من أجل مواجهة الاسلاميين المتطرّفين وإرهابهم بنجاح، ولـ”تعويد” التونسيين على الديموقراطية الفعلية. أحد أهمّ أسباب دخول “النهضة” الإئتلاف الحكومي مع السبسي هو فشل تجربة حكم “الإخوان المسلمين” في مصر. وقد أثّر هذا الفشل على الأداء الانتخابي لـ”النهضة” ففاز عليهم “نداء تونس”. علّق ضاحكاً: “أنا كنت من هذا الرأي ولا أزال”. أضفتُ: طبعاً هناك أسباب أخرى منها وجود مجتمع مدني ناشط في تونس وحركة ثقافية عامة متعافية وحركة نسائية ناشطة. فالمرأة لها ثقل ووزن ودور بعد حصولها على كثير من الحقوق التي لا تزال غالبية النساء العرب محرومة منها. لكن هناك مشكلة الإرهاب في جبال تونس العابر من الحدود الجزائرية والليبية. طبعاً يواجهه الجيش والشرطة. لكنهما ضعيفان وضعفهما مزمن. علَّق: “ليس هناك ضعف. لكن لم يكن لهما في السابق دور. وقد أعيد تنظيمهما. ونعتقد أن الجيش قوي ومعه الشرطة والأجهزة الأمنية. لكن المهم من أجل الصمود في المعركة ضد الإرهاب وتالياً من أجل ربحها هو التنسيق والتعاون بين المؤسسات كلها الأمنية والعسكرية والسياسية والقضائية وغيرها وكذلك تبادل المعلومات. أنت ذكرت الجزائر في حديثك قبل قليل. ما رأيك في أوضاعها الحالية؟ رئيسها مُقعد او معوّق (Crippled). وفي بلاده بطالة واسعة. ودخلها المالي من النفط انخفض إلى النصف. وهذا أمر قد يخلق مناخات تذمّر واستياء وربما غضب. لكن الأوضاع هادئة الآن على الأقل”. علّقت: الخطر في الجزائر يأتي من كونها دولة غير ديموقراطية أي مستبدة. انظر ما حصل في انتخاباتها العامة وأكثر من مرة. رئيس “مقعد” يُنتخب ويحكم. كيف؟ الخطر يكمن في الصراع الدائر الآن أو المتحدم بين ابناء “النظام” أي نظام الحزب الواحد. وقد خرج إلى العلن. ولا أحد يعرف الصراعات غير المعلنة داخل مؤسساته المدنية والعسكرية والأمنية. طبعاً لم ينس الجزائريون الحرب الأهلية مع الإسلاميين التي عاشوها على مدى 10 سنوات، وهم يرون ما تسبّب به “الربيع العربي”. لذلك لا يريدون أن يعيشوا ذلك مرة ثانية. ولكن البطالة مرتفعة والمدخول المالي من النفط قلّ. فلم يعد بوتفليقة عند أي احتجاج شعبي يتناول المال ويصرفه لمعالجة أسباب احتجاجهم. رغم ذلك تتصرف الجزائر بهدوء فترفض التدخل في ليبيا عسكرياً، وترفض مساعدة تونس عسكرياً لمحاربة الارهاب. وهي لم تطلبه. ولكن هناك تبادل معلومات بينهما. بماذا علّق؟