بعد أشهر من اللااستقرار السياسي والأمني في تركيا، تنفس الأتراك الصعداء وبدأ التشاور داخل حزب العدالة والتنمية الفائز بقوة في الانتخابات البرلمانية، لتشكيل حكومة يحمل بيانها الوزاري تطلعات الحزب السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية.
ولأن الحزب سوف يستأنف حكم البلاد منفرداً في السنوات المقبلة، بدأ يطرح السؤال مجددا خصوصا في العالم العربي، عن كيفية تعاطيه مع الملف السوري، فهل سيستغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو وقوف الشعب بزخم الى جانبهما للاقدام أكثر من أي وقت مضى والمساهمة في وضع حد لمعاناة الشعب السوري من نظام بشار الأسد؟ أم أن الأمور ستبقى فقط كما كانت قبل الانتخابات؟
هذا السؤال تجيب عنه لـ «اللواء» مصادر تركية متابعة، كاشفة أن أنقرة سوف تستحدث وزارة جديدة هي وزارة شؤون الشرق الأوسط والتي ستركز على الملف السوري، اذ ان هذا الملف سيكون في سلم اولويات سياسة تركيا الخارجية التي ستستكمل بشكل فاعل أكثر، ما بدأته بالتعاون مع قطر ومع المملكة العربية السعودية التي أصبحت علاقتها بها اكثر من ممتازة، لدعم المعارضة السورية المعتدلة عبر استمرار تقديم الأسلحة النوعية لها والتي تمكنها من التصدي حتى للهجمات الروسية.
وتشير المصادر الى ان تركيا في المرحلة الراهنة لن يكون دورها كدور ايران أي احتلال مناطق ودعم مقاتلين من غير السوريين، انما ستقوم بكل ما في وسعها «نصرة للمظلومين»، لكن ليس بإمكانها أيضا القبول بقيام دولة كردية في سوريا بأي شكل من الاشكال.
وتكشف المصادر أن تركيا ستخصص في ميزانيتها مليارات الدولارات للنازحين السوريين الموجودين في مخيمات حديثة على اراضيها ولن تتكل على المساعدات الخارجية، وهي ستعمل على البدء بإعادة هؤلاء النازحين تدريجيا الى ما يسمى بالمنطقة العازلة في الشمال السوري والتي ستكون آمنة بعد تنظيفها بشكل كامل من قوات النظام السوري وحلفائها.
وعن العلاقة مع موسكو، تؤكد المصادر أن أنقرة ستتصرف وفقا للتصرفات الروسية، فان اخترق طيران روسيا الاجواء التركية ستتصدى تركيا له من دون تردد وهي كانت قد ابلغت المسؤولين الروس بهذا الأمر.
من جهة أخرى، ستفعّل تركيا ديبلوماسيتها خصوصا وانها تشارك في الاجتماعات التي تعقد في فيينا لبحث سبل حل الأزمة السورية بطريقة سياسية، وفي هذا الاطار تشدد المصادر على أن تركيا لن تقبل أبدا مبدأ ان يكون لرئيس النظام السوري بشار الأسد أي دور في المرحلة المقبلة، فوفق منطقها لا يمكن لمن قتل أكثر من ثلاثمائة ألف شخص أن ينعم بسلطة ولو ليوم واحد.
هذا المنطق تؤكد عليه أيضا المملكة العربية السعودية التي تعمل مع انقرة على اقناع كل الاطراف المشاركة في المؤتمرات الخارجية بضرورة السير به لتسهيل الحل.