Site icon IMLebanon

تركيا هدّدت أوروبا بالترحيل فاستنجدت بها ولبنان إكتفى بما تُرك له من فتات

26% من نزلاء السجون من اللاجئين السوريّين ومعدَّل المخالفات إرتفع 60%

تركيا هدّدت أوروبا بالترحيل فاستنجدت بها ولبنان إكتفى بما تُرك له من فتات

كان همّ كاميرون من زيارته لبيروت التأكّد أن لبنان لن يفتح باب الرحيل أمام اللاجئين السوريّين

نجحت تركيا، في ملف اللاجئين السوريين، في فرض شروطها على اوروبا بمجرد ان هددت بفتح ابواب ترحيلهم من اراضيها في اتجاه القارة العجوز. مكّنها هذا التهديد من استقطاب اهتمام سياسي – ديبلوماسي دولي، تماما كما اتاح لها فرض شروطها المالية على المانحين، تحت جناح لجنة مشتركة مع الاتحاد الأوروبي. لا بل ثمة شعور تركيّ بأن الاتحاد الأوروبي يستجدي انقرة لإقناعها بعدم ترحيل هؤلاء اللاجئين، من خلال خارطة طريق تقديم مساعدات مالية (مليار يورو لها في السنتين 2015 و2016)، واعفاء مواطنيها المتوجهين إلى أوروبا من الحصول على تأشيرات، ومشاركتها في دوريات مشتركة مع خفر السواحل اليونانيين في شرق بحر إيجة كجزء من العمل المنسق من قبل الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود، وإقامة «مواقع ساخنة» لتسجيل طالبي اللجوء على الأراضي التركية، وبناء 6 مراكز استقبال جديدة للاجئين على الأراضي التركية، تستوعب حوالى مليوني لاجئ. وتحوي الخطة تدابير لتقليص تدفق اللاجئين إليها، حيث ستعمل المفوضية على إعداد خطة شامل لتقييم الحاجات، بهدف تخفيف أعداد اللاجئين الجدد المحتمل قدومهم إلى تركيا من سوريا والأردن والعراق ولبنان، مع امكان درس نقل بعض اللاجئين من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي في «وقت مناسب».

في لبنان، اكتفى المسؤولون بما ترك له المانحون من فتات. وتعثرت مساعي رئيس الحكومة تمام سلام في نيويورك لتزخيم مسار المساعدات، في حين كان جل ما يبغي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من زيارته لبيروت التأكد من ان لبنان لن يفتح باب الرحيل امام اللاجئين السوريين.

يقول تقرير ديبلوماسي ان «اللاجئين السوريين يشكلون راهنا ربع عدد السكان في لبنان الذي يتمتع بتاريخ طويل من استيعاب اللاجئين. ففي الحرب العربية -الإسرائيلية في عام 1948، فر حوالى 100 ألف فلسطيني إلى البلاد. واليوم، يقيم حوالى 450 ألفا من هؤلاء اللاجئين وأحفادهم في 12 مخيماً في أنحاء البلاد، لأن لبنان منع دمج الفلسطينيين في مجتمعه، خوفاً من أن يخل اللاجئون – الذين معظمهم من السنة – بالتوازن الطائفي الهش في البلاد والمكوّن من سنة وشيعة ومسيحيين. وفي ذلك الوقت، أصدر لبنان قوانين صارمة في هذا السياق، أدت إلى منع الفلسطينيين لأكثر من 60 عاماً من العمل وحيازة الممتلكات. واليوم، يمثل الفلسطينيون في لبنان بصورة دائمة طبقة الدنيا من المجتمع التي تعاني إحباطا وتطرفا متزايدين».

يضيف: أدى وصول 1.5 مليون لاجئ سوري معظمهم من السنة إلى اتباع سياسات تمييزية مماثلة. فوفقاً للقانون اللبناني، يُطلب من السوريين في لبنان الحصول على تصريح إقامة لمدة ستة أشهر قيمته 200 دولار يستبعدهم من العمل. ورغم أن العديد من اللاجئين يعملون بشكل غير قانوني، إلا أن دخلهم، وفقاً لمنظمة العمل الدولية هو أقل بنسبة 40% من الحد الأدنى للأجور في لبنان وهو 448 دولاراً شهرياً. وفي الوقت نفسه، تضاعف معدل البطالة بين اللبنانيين ليصل إلى 24% من إجمالي عدد السكان و35% بين الشباب. ووفقاً لأرقام حكومية رسمية، ازداد الفقر بين اللبنانيين أيضاً بنسبة الثلثين على مدى الاعوام الأربعة الفائتة. ويعيش نحو 86 % من السوريين في لبنان في القرى الفقيرة ويتمتعون بفرص ضئيلة للعمل أو التعليم. كما ان حوالى نصفهم يعيشون في مبانٍ غير مكتملة ومخازن فارغة ومواقف سيارات وعلى هامش الحقول الزراعية، بما في ذلك في المناطق ذات الغالبية الشيعية مثل سهل البقاع.

ويلفت التقرير الى ان «الاحصاءات الرسمية اللبنانية تفيد ان معدل المخالفات البسيطة ارتفع بنسبة 60% وأن 26% من نزلاء السجون في البلاد هم الآن من المواطنين السوريين الموقوفين بسبب السرقة أو التشرد أو العمل بشكل غير قانوني (…)».

ويتحدث عن ان «سيل السوريين أثار ردة فعل قوية في لبنان. فقد فرضت المدن في أنحاء مختلفة من لبنان حظر تجول على السكان الأجانب. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن العنف ضد اللاجئين السوريين قد تصاعد. وأشارت منظمات غير حكومية أخرى إلى شيوع العنف الجنسي والعنف القائم على أساس نوع الجنس ضد المجتمع السوري. وينبع هذا العنف في جزء منه من خوف اللبنانيين من أن يكون بعض اللاجئين من الخلايا النائمة التابعة لـ «داعش» التي تستعد لنشر الفوضى في لبنان».

ويرى التقرير ان وجود اللاجئين أدى إلى تنامي التوترات الطائفية القائمة. «فمنذ عام 2011، يقاتل حزب الله في سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي قتل حتى الآن حوالى 300 ألف شخص غالبيتهم من المسلمين السنة. وتاليا إن تورط حزب الله في سوريا قد أثار غضب السنة اللبنانيين والسوريين على حد سواء، مما أشعل سلسلة من 16 تفجيراً لسيارات مفخخة ضد أهداف طائفية قبل أكثر من عام».

يضيف: «يُلحق اللاجؤون الضرر بالبنية التحتية اللبنانية، لا سيما الأنظمة الكهربائية والمائية والتعليمية، ويستنزفون الموارد المالية الوطنية. وتاليا يعاني لبنان عجزاً واسع النطاق في الميزانية في عام 2015 نتيجة لنفقات اللاجئين وخسائر الإيرادات الأخرى المتعلقة بسوريا، مثل التجارة والسياحة. والعجز المتوقع في لبنان والذي يبلغ 33 % من 5.1 مليار دولار بات أكثر حدة، لا سيما في ظل أزمة الديون الوطنية».

ويخلص التقرير الى ان «عجز الموازنة هو إلى حد كبير نتيجة للمساعدات المالية الدولية غير الكافية. ففي العام الفائت، ناشدت الأمم المتحدة العالم من أجل الحصول على تبرعات بقيمة 4.5 مليار دولار لتوفير الغذاء الضروري وغيره من المساعدات للاجئين السوريين الضعفاء في كل أنحاء المنطقة. إلا أن الأمم المتحدة لم تحقق حتى الآن سوى 37% من هذا الهدف، ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تبقى أكبر فجوات التمويل في لبنان الذي جمع 649 مليون دولار فقط من أصل 1.97 مليار دولار. وأدى نقص التمويل إلى حدوث تداعيات خطرة على اللاجئين. ففي الصيف المنصرم، تم تخفيض دعم «برنامج الأغذية العالمي» للاجئين المحتاجين في المنطقة. وفي بعض الحالات، تم تخفيض المساعدات إلى النصف، أي إلى 14 دولار شهرياً فقط. وفي حالات أخرى، تم إيقاف الراتب تماماً».