IMLebanon

تركيا وإيران مقلقتان للإمارات المتحدة

علاقتي كصحافي محترف مع دولة الإمارات العربية المتحدة انتهت قبل نحو عقدين والاسباب كانت واضحة ومحددة، لكن ذكرها ليس وارداً الآن. ربما تكون عودتها قد بدأت الأسبوع الماضي بعد تلبيتي دعوة “المجلس الوطني للإعلام” فيها للاشتراك في نشاطات إعلامية لمناسبة العيد الـ43 لتأسيسها، وللتمهيد لزيارات عمل للقاء مسؤولين ومناقشة الأوضاع في الدولة و”خليجها” والمنطقة معهم، وليس لحضور مهرجانات ونشر مدائح وفق “بروباغندا” إعلامية معينة.

ما لاحظته من خلال النشاطات المشار إليها كان الآتي:

– الدور المؤثر والواسع للمرأة الإماراتية في الحياة العامة والخاصة في بلادها، وتمتعها بروحية القيادة والمبادرة، وامتلاكها المعرفة اللازمة للقيام بمهماتها وخصوصاً في المناصب الرفيعة.

– إمتلاك المسؤولين الكبار، ولا سيما منهم الوزراء، كل الثقافة والمعرفة اللتين يحتاجون إليهما لممارسة مهماتهم. وقد بدوا في أثناء عرضهم انجازات بلادهم، كلٌ في وزارته أو في حقل اختصاصه، غير مختلفين أبداً عن نظرائهم في عدد من الدول المتقدمة.

– الإصرار على الهوية الإماراتية في دولة إتحادية تضم سبع إمارات كانت بينها في الماضي تباينات وربما خلافات وتنافسات. ويدل ذلك على نجاح تجربة اتحادهم خلافاً لتجربة مجلس التعاون الخليجي الذي يمر منذ مدة بصعوبات عدة، وقد يكون للتحدي الذي تواجهه دولة الإمارات من محيطها غير العربي دور مهم في التمسّك بالهوية الوطنية لأنها عامل الحماية الأول للدولة في الظروف الخطيرة التي تجتازها المنطقة.

– طبعاً لا يعني ذلك أن الإمارات العربية المتحدة دولة ديموقراطية بالمقاييس العالمية وتحديداً الغربية، لكنها تسير في اتجاهها وإن بهدوء وتؤدة مع المحافظة على التقاليد والشرائع. فما يهم قادتها هو المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، وزيادة النمو وتوفير الرفاهية لشعبهم ولـ”الوافدين” إلى بلادهم للعمل، وأخذ ما يناسبهم من تجارب الآخرين السياسية. وما يهمهم أيضاً هو عدم تعاطي المواطنين و”الوافدين” في أمور ثلاثة هي السياسة والأمن والمخدّرات لأنها هي التي تخلق في رأيهم أجواء عدم الاستقرار والفتن. وقد نجحوا في فرض هذه الثلاثية على الجميع، فتلافى المجتمع الإماراتي بمواطنيه و”الوافدين” خضات كثيرة.

إلا أن أهم ما لمستُه وسمعتُه مع زملاء المهنة من لبنانيين وعرب وأجانب من المسؤولين الإماراتيين، ومنهم وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، أكد أن دولة الإمارات هي، إضافة إلى كونها دولة رفاه ونمو اقتصادي، دولة خيارات سياسية واضحة تمارسها بقوة وتشارك احياناً في استعمال القوة للدفاع عنها، وهي دولة تهتمُّ جيداً بتعزيز قدراتها العسكرية، وتقوم على أتمّ وجه بموجبات تحالفاتها الإقليمية والدولية.

وفي هذا الإطار يمكن ايراد المواقف السياسية الآتية للإمارات العربية المتحدة:

1 – لا تسعى الإمارات إلى دور إقليمي، بل تعمل لتعزيز قِيَم معينة. وهي تريد فقط كيان الدولة الوطنية والمحافظة على الأمان والاستقرار والازدهار في كل دولة وطنية، وهي ضد التطرّف ومع الاعتدال.

2 – لا بد من التصدي لتفتيت العالم العربي انطلاقاً من محاور طائفية. والإمارات تتعاون مع الدول التي تعتبر الاستقرار أساسياً بالنسبة إليها. وانطلاقاً من ذلك، فإن مصر مهمة سواء بسبب دورها أو بسبب مكانتها في العالم العربي. لا يمكن التكلم عن عالم عربي مستقل ومستقر من دون مصر مستقلة ومستقرة، وإذا سادتها ثقافة متطرّفة فإن ذلك سيعدي العالم العربي وسيعمه العنف.

3 – نحن قلقون من تدخل قوى إقليمية غير عربية في العالم العربي، والإمارات واضحة مواقفها فهي مع مكافحة الإرهاب. العالم يطلب من العالم العربي الكثير ونحن نطلب منه مساعدتنا لإرساء الإستقرار والأمان ومكافحة التطرّف.

4 – هناك سنوات صعبة أمامنا. يجب أن نعمل معاً كعرب ومع المجتمع الدولي ومع أصحاب المقاربة المعتدلة للدين ومع الجهات الساعية إلى التقدم والاستقرار.

5 – إن ممارسة “الاخوان المسلمين” سواء في مصر أو في غيرها هي في رأينا ممارسة استحواذية، وهذا أمر لا يمكن أن يبني دولة آمنة ومستقرة ومزدهرة.

ماذا سمعت وزملائي في المهنة من مواقف إماراتية من قضايا أخرى مهمة؟