IMLebanon

تركيا وإيران وخلع القفّازات

هل للزيارة «العاجلة» التي قام بها الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شمخاني الى بيروت ودمشق منذ أيام، صِلة بالقرار المتوقّع صدوره عن البرلمان التركي، والذي سيُجيز للقوات التركية التدخّل البرّي المباشر في كلّ من سوريا والعراق؟

أوساط ديبلوماسية عربية وغربية عدة، تداولت تكهّنات كثيرة عن أسباب تلك الزيارة، وقد وضعَها بعضهم في خانة شَدّ أزر كلّ من «حزب الله» والنظام السوري ورفع معنوياتهما.

الإعتراض الأميركي على إعلان شمخاني نيّة بلاده تقديم هبة عسكرية للجيش اللبناني، أتى من بوّابة التذكير بالقرار الدولي الذي يمنع على طهران بيع المعدّات العسكرية أو تصديرها أو استيرادها.

تقول أوساط أميركية مطّلعة: «إنّ موجة الهجمات الجوية الأولى التي شُنّت على تنظيم «داعش»، أظهرت بما لا يَدع مجالاً للشك أنّ أسلوب المواجهة الكلاسيكية معه لا يكفي، في الوقت الذي تزداد قدرته على تعلّم أساليب الانتشار والتمدّد، بما يجعله أقرب الى المادة الزئبقية».

قد يكون هذا الوصف هو الأقرب الى تغليب استنتاج سياسي مفاده أنّه لا بدّ من الانتقال الى مرحلة أخرى، فيما يقول البعض إنّ القدرة على حسم المواجهة مع «داعش» قد تتطلب إعادة النظر في الاستعدادات الميدانية بهدف إنتاج أدوات أخرى.

وهذا الأمر يقود عملياً الى الحديث عن سُبل بناء قوات مُقاتِلة، سواء في سوريا أو العراق، لكي تأخذ هي زمام مواجهة التنظيم على الأرض، بمؤازرة أميركية جدية.

وفي هذا المجال، تؤكد أوساط عسكرية أميركية أنّ إمكانية إشراك وحدات عسكرية أميركية مُقاتِلة على الأرض ليست مُستبعَدة تماماً، فيما الحديث عن الاخفاقات المتتالية للقوات العراقية في مواجهة «داعش» يعني أنّ مرحلة «الاستعداد» للحسم قد تطول. هذا ما أكّده البنتاغون أيضاً عن المعارضة السورية، حين أشار الى عدم نيّة قوات التحالف التنسيق مع «الجيش الحر» والتعاون معه في الهجمات التي تُشنّ على «داعش»، لأنّ العمل جار على بناء معارضة جديدة في المستقبل!

غير أنّ أوساطاً عربية وديبلوماسية تُشكّك وتحذّر في آن معاً، من أنّ النزاع الإقليمي قد يكون في طريقه الى جولات جديدة من العنف، وهذه المرة بلا قفازات. فقرار التدخّل التركي، إذا صدر، سينقل النزاع الصامت مع إيران الى مستويات أكثر توتّراً، حيث يتوقّع أن تردّ طهران على هذه الخطوة بخطوات مضادة.

وتسأل تلك الأوساط عن حقيقة الموقف الأميركي وأسباب التشديد على مقولة إنّ الحرب على «داعش» ستطول، وهل أنّ في الأمر محاولة أميركيّة جديدة لإعادة زَجّ كل الأطراف في مواجهات لا تنتهي، والإمعان في إضعافها، الى أن يحين أوان التدخّل الجدّي، لفَرض تسويات سياسية جديدة؟

لا إجابات واضحة عن تلك التحفّظات حتى الآن، فيما التساؤلات عن الخطوة التالية تتزايد، بعدما استُنفِد «بنك الأهداف» في الغارات الأولى على مواقع «داعش».

هناك من يقول إنّ فترة من المراوحة لـ»الستاتيكو» القائم الآن قد تكون مديدة، إلّا إذا كشف قرار التدخّل التركي في سوريا عن معطيات مفاجئة. ويعتقد البعض أنّ هذا التدخّل قد يأتي في سياق الاستعدادات لِمَنح المعارضة السورية المَنوي استيلادها، موطئ قدم ورعاية وحماية إقليمية ودولية، بهدف العودة الى مَسار الحل السياسي في سوريا.

وتلفت تلك الأوساط الى دلالات إعلان حلف «الناتو» نيّته الدفاع عن تركيا ومؤازرتها ضدّ أي نوع من الهجمات، ما يوحي أنّ قرار التدخّل التركي قطعَ أشواطاً مهمة على طريق تأمين الإجماع الدولي حوله، فيما الاعتراضات الروسية والإيرانية بَدت غير قابلة للصرف في ظل انقلاب التوازنات، بعدما غَيّرت واشنطن أداءها.