لا شك أن تركيا قد تلقت صفعة قوية من خلال التفجيرين اللذين وقعا أمام محطة للقطارات في العاصمة أنقرة.
ولعل وقوع الانفجارين عشية الانتخابات البرلمانية المرتقبة في الأول من تشرين الثاني المقبل، سوف يؤثر على نتائج العملية الانتخابية والتي ستعطي صورة عن سياسة البلاد المستقبلية.
ومن هنا، تتصاعد الحملات الانتخابية التي دخل عليها (وللأسف) عنصر الدم، قبل أيام من انطلاق ساعة الصفر للاقتراع.
ووفق مصادر متابعة للاحصائيات في تركيا، فان حزب العدالة والتنمية الذي انطلق منه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، سوف يحقق ما بين 43 و45 في المئة من نسبة الأصوات ما يخوله أن يشكل حكومة منفردا بعيدا من التحالف مع أي حزب آخر والذي من شأنه أن يعقد الأمر، كما جرى بعد الانتخابات الأخيرة والتي أفضت الى ضرورة اجراء انتخابات مبكرة.
ويتحدث مصدر متابع للشأن التركي لـ«اللواء»، مشيرا الى أن حزب العدالة والتنمية قد أخذ العبر من الانتخابات التي جرت منذ أشهر، وذلك من خلال طريقة اختياره للمرشحين، فهو اذ أهمل سابقا وضع أكراد بارزين على لوائحه، فانه راهنا يرشح أشخاصا لهم ثقلهم في المناطق الكردية ما يزيد من حظوظه على حساب حزب الشعوب الديمقراطي، وهو الحزب الكردي البارز الذي حصل على ثلاثة عشر في المئة ودخل الى البرلمان للمرة الاولى، علماً انه من المتوقع أن يبقى هذا الحزب في مجلس النواب، مستفيدا من تعاطف الأكراد معه نتيجة الانفجارية الارهابيين الاخيرين، لكن مع تراجع طفيف عن المرة السابقة.
ويؤكد المصدر أن حزب أردوغان وأوغلو، سوف يأكل من صحن الحزب القومي، خصوصا وأن ابن مؤسس الحزب قد انفصل وانضم الى حزب العدالة والتنمية وترشح ضمن لائحته، وهو أمر من شأنه أن يخلخل الوضع داخل صفوف الحزب القومي لصالح الحزب الحاكم حاليا.
وانطلاقا مما تقدم، يبدو جليا أن تركيا وهي دولة فاعلة بشكل كبير في المنطقة، تركز اهتمامها في هذه الأيام للداخل التركي لا للخارج، وذلك بانتظار أن يتبلور شكل الحكم الجديد بعد الانتخابات وعندها ستعود أنقرة لاستئناف اهتمامها بالأوضاع الاقليمية لا سيما الوضع الحالي في سوريا والذي ساهم في توتير العلاقات بين روسيا وتركيا في الأسابيع الماضية، بعد خرق الطائرات الروسية الأجواء التركية لضرب المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من أنقرة في اطار تحالفها مع الرياض والدوحة. واذا كان التوتر قد خف بين موسكو وأنقرة، فمرد ذلك الى الأوراق التي تمتلكها تركيا والتي هددت بها روسيا ومن بينها:
– اغلاق مضيق الدردنيل بوجه روسيا ما يؤثر سلباً عليها، لأنه بوابتها على المنطقة.
– قطع العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الروسي، وهو أمر خطير أيضا خصوصا وأن الاتحاد، قد اضطر الى تأمين حاجياته من المواد الغذائية والملابس وغيرها من تركيا بعد أن أقفلت الدول الاوروبية الباب بوجهه من خلال العقوبات الموضوعة عليه. وانطلاقا من هنا، فان المصدر يرى أن الأمور لن تتعقد أكثر بين روسيا وتركيا لأن لكلا البلدين مصلحة باستقرار العلاقة.