قالها الرئيس رجب طيب اردوغان مواربة في البداية، وترك لاعلامه وأنصاره والناطقين باسم الحكم، قولها مباشرة… وهي اتهام المخابرات المركزية الأميركية السي. آي. ايه بتمويل المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا والتحريض على تنفيذها، بالتوكؤ على النفوذ الواسع للداعية التركي فتح الله غولن في الداخل التركي وفي العالم، من مقر اقامته في أميركا. وبصرف النظر عن صحة هذا الاتهام أو عدمه، فإنه يخدم في النهاية المصلحة الاستراتيجية بعيدة المدى لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ولزعيمه اردوغان، من حيث العمل على تصفية نفوذ ووجود وارث أكبر منافس لاردوغان وحزبه داخل تركيا وخارجها، وهو فتح الله غولن وامبراطوريته السياسية والثقافية.
***
الوجود الأميركي والأطلسي والغربي والاسرائيلي المباشر أو الصهيوني الهوى والنزعة، متغلغل تاريخياً في تركيا، بوجوده العسكري الثقيل على أرضها وامتداداته الاستخبارية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية، وعلى كل صعيد. وبالتحليل الواقعي والمنطقي، فمن الصعب افتراض وجود تخطيط لحركة انقلابية منطلقة من جذور عسكرية، ثم لا يكون لأميركا وعيونها علم مسبق بها. بل ان افتراض عدم علم الاستخبارات الأميركية المسبق بالحركة الانقلابية هو بذاته ادانة لها، اذ ماذا يفعل رجال أجهزتها هناك: هل يغزلون صوف الخراف، أم يخصون العجول؟!
***
احدى النظريات الرائجة التي لا دليل قاطعاً على صحتها، تقول إن الانقلاب أميركي بالفعل، وان أصل التخطيط له هو أن يكون محاولة تفشل، بعد أن تهز النظام وتصطك ركبه. والقصد من أن تفشل الحركة هو ابعاد الشبهة عن أميركا، لأن الاعتقاد السائد هو بحتمية نجاح أي انقلاب في تركيا تخطط له أميركا! والنظرية نفسها تقول إن الخطة ب لحظت قيام انقلاب ثانٍ يعقب المحاولة الفاشلة، وينجح هذه المرة، ويوحي بأنه من ردود الفعل الواسعة في الداخل على أعمال القمع والتصفية التي باشرها اردوغان وحكمه، ويبعد الشبهة عن أميركا…
***
غير أن وقت التنظير انتهى الآن، ودخلت المنطقة في دورة جديدة من التطورات لا تقتصر فقط على تركيا، وانما تتعداها الى كل اللاعبين الاقليميين والدوليين، وأميركا على رأس اللائحة في انتظار تجاوز استحقاقها الرئاسي…