Site icon IMLebanon

تركيا تتوجّس: التغوّل الإسرائيلي ينذر بـ«الأعظم»

 

 

حذّرت الأوساط ووسائل الإعلام التركية من أن يكون اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، بداية مرحلة جديدة من خطّة إسرائيل للتمدّد في المنطقة. وفي هذا السياق، قال رئيس البرلمان التركي، نعمان قورتولمش، في طريق عودته من روسيا، إن «الجميع يجب أن يرى خطر الصهيونية التي تتغذّى بالنصوص الدينية. وهي تعتبر أنها في طريقها إلى المرحلة النهائية لإقامة دولتها من النيل إلى الفرات».

ورأى أن «تركيا هي أحد الأهداف النهائية لهذه السياسة. و(رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين) نتنياهو، وعصابته يرون أن شعوب الشرق الأوسط مضطرّة إلى أن تكون عبيداً لنا». وقال إن «قوة إسرائيل ليست في الدعم الأميركي ولا التكنولوجيا العسكرية ولا سيطرة الإعلام ولا في دعم المال العالمي، بل في تشتّت الدول الإسلامية وشعوب الشرق الأوسط وعجزها. يجب أن تعمل هذه الدول على التكامل والتوحّد». ورأى أن أحد مداخل هذه الوحدة هو المصالحة بين تركيا وسوريا.

وإذ وصفت صحيفة «حرييات» كلام الشيخ نعيم قاسم في رثاء نصر الله بأنه كان حاسماً لجهة أن «الحزب لن ينسحب من المعركة دفاعاً عن غزة»، كتب أحمد حاقان، في الصحيفة نفسها، أنه بعد مقتل إسماعيل هنية ونصر الله «ازدادت إسرائيل توحّشاً. لا أحد يوقفها. المسألة ليست خاصة بالعرب ولا بالمسلمين، بل بالإنسانية. وحدها الشعوب يمكن أن تواجه إسرائيل». وكتب عبد القادر سيلفي، بدوره، في «حرييات» أيضاً، أن «تصاعد التوتّر بعد اغتيال نصر الله يجب أن يُقنع الرئيس السوري بشار الأسد بأنه لا أحد يمكن أن يكون بمنأى عن استهداف إسرائيل». وقال إن «على الأسد أن يبادر ويتجاوب مع دعوة إردوغان للقائه والمضيّ في المصالحة مع تركيا». وأضاف أن «الوقت الآن ملائم جداً، وبعده سيكون الوقت متأخراً».

وفي صحيفة «جمهورييات» التابعة لحزب «الشعب الجمهوري» المعارض، كتب محمد علي غولر، الكاتب العلماني، مقالة لافتة، متسائلاً عن التمييز الذي يتّبعه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بين رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، ونصر الله اللذين استشهدا على يد إسرائيل. ولاحظ أن «إردوغان لم يشر في تعازيه للشعب اللبناني إلى اسم السيّد نصر الله؛ وفي المقابل، أعلن الحداد الرسمي ثلاثة أيام على هنية». ورأى أن «السبب وراء هذا التمييز واضح: هنية سنّي ونصر الله شيعي». وقال غولر إن «هذا التمييز ينتشر في جبهة إردوغان. ونلمس ذلك بوضوح في مجموعة المقالات التي كتبها مؤيدوه في الصحف أو المحلّلون على الشاشات والتي تضمّنت سرداً سلبياً لسيرة نصر الله باعتبار أن ما كان يطلقه من صواريخ كان خفيفاً». وأضاف أنه «إذا كان هؤلاء على صواب، فلماذا إذاً تلجأ إسرائيل إلى اغتياله؟». وأشار إلى أن «مثل هؤلاء المعلّقين يعرفون بالتأكيد الهزيمة التي ألحقها حزب الله، بقيادة نصر الله، بإسرائيل عام 2006. ولكن المدرسة الإردوغانية كانت تدافع عن الإسلام السياسي السنّي تحديداً، فيما كانت هناك تهنئة وشماتة لدى بعض مناصري هذه الجبهة في تركيا وفي سوريا، ولا سيما إدلب».

الحرب البريّة على لبنان قد تجرّ جهات إقليمية مثل تركيا وسوريا وإيران ودول الخليج إلى الصراع

 

وأشار غولر إلى أن «إعلام إردوغان منذ أشهر يشنّ حملة معادية لإيران لأنها لم تردّ بطريقة أقوى على إسرائيل، في حين أن هؤلاء أنفسهم من أشدّ الداعمين لاستمرار التجارة التركية مع إسرائيل». وأضاف أن «المسألة عند هؤلاء لا علاقة لها بالعداء لإسرائيل، بل بالموقف السنّي المعادي لإيران الشيعية. هؤلاء لم يعترضوا على نقل القذائف إلى إسرائيل عبر الطائرات الأميركية التي كانت تقلع من قاعدة إنجيرليك. وهم عارضوا إيقاف رادار كوريجيك عن العمل ولم يعترضوا على المناورات العسكرية للسفن التركية مع السفن الأميركية التي جاءت إلى شرق المتوسط لتهديد إيران». وأضاف غولر أن «إسرائيل تريد توريط الولايات المتحدة في حرب ضد إيران. والأخيرة تحاول عدم الوقوع في هذا الفخ من خلال ردٍّ محسوب. والآن، يحاول نتنياهو جرّ أميركا إلى الحرب من خلال اغتيال نصر الله. كل هذا تراه جبهة إردوغان، وهي الجبهة التي تريد أن تضرب إسرائيل وأميركا إيران. لا شك في أن المعركة ضد جبهة أميركا – بريطانيا – إسرائيل وعرة وشائكة».

من جهته، رأى الكاتب مراد يتكين أن «حزب الله» يقوم بدور كبير في تحقيق النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، ولذا فإنّ أيّ عملية برية تلوّح بها إسرائيل ضدّ لبنان ستكون لها تاثيرات كبيرة يمكن أن تجرّ معها جهات إقليمية مثل تركيا وسوريا وإيران ودول الخليج، إلى الصراع. وتابع يتكين أن «مثل هذه العملية يمكن أن تفاقم الانقسام الداخلي اللبناني، كما يمكن أن تمتدّ إلى سوريا نتيجة وجود مجموعات مسلحة لحزب الله هناك، وتخرق وقف النار الهشّ، وتورّط روسيا وتركيا والولايات المتحدة في المنطقة. كما أن الهجوم البري سيشجع خصوم إيران في سوريا على القيام بهجمات ضدها هناك». وحذّر يتكين من انفجار الوضع في سوريا وتدفق اللاجئين من جديد إلى تركيا، مضيفاً أن «إضعاف حزب الله في لبنان قد يؤدي إلى زيادة إيران وجودها العسكري في سوريا لتعويض هذه الخسارة. كما قد تعزّز طهران قوة الطائرات المسيّرة وبرنامجها النووي، وتستهدف أميركا وإسرائيل بطريقة غير مباشرة. أما بالنسبة إلى تركيا، فإن تصاعد التوتّر في ظل علاقات سيئة مع إسرائيل، سيكون تهديداً للأمن القومي التركي».