Site icon IMLebanon

الشعب التركي يسقط الانقلاب العسكري

كنت أقود سيارتي ليلاً متوجهاً الى بيتي في الجبل عندما سمعت خبراً بثه الراديو يقول إنّ طائرات حربية وطوافات عسكرية تحوم في سماء اسطنبول، فسألت نفسي: لماذا الطائرات في سماء اسطنبول ليلاً؟!… وتساؤلي لأنني أعرف اسطنبول معرفة جيدة، وزرتها غير مرة، وأعتبرها من أفضل المدن في العالم أمناً واستقراراً، وأنها أصبحت، منذ بداية حكم «العدالة والتنمية»، مدينة سلام وحضارة وسياحة واقتصاد وصناعة.

بعد قليل ورد خبر ثانٍ يقول إنّ الجسر الذي يربط آسيا بأوروبا قد أقفل أيضاً، ففوجئت وقلت لنفسي: إنّ هناك شيئاً خطيراً يحدث في تركيا.

وصلت منزلي نحو منتصف الليل وأنا أتابع الأخبار من الراديو في السيارة الى التلفزيون، وأخذت أتنقل بين المحطات محاولاً معرفة ما يجري في تركيا.

وبينما كنت أتابع التلفزيون سمعت رجب طيب أردوغان يطلب من الشعب التركي النزول الى الشارع والتصدّي للدبابات لإسقاط الانقلاب الذي قام به الجيش التركي.

وقلت في نفسي: كيف يستطيع الشعب التركي الأعزل الذي لا يحمل أي سلاح الوقوف في وجه الجيش المزود بأسلحة فتاكة من دبابات وطائرات وصواريخ؟ فهذا النداء يثير التعجّب، فهل يطلب اردوغان من الشعب أن ينتحر؟

فعلاً لم تمضِ ساعات حتى بدأت الأخبار تتبدل لمصلحة الشعب، وأكثر ما أثار إعجابي هو تصدّي بعض المواطنين لدبابة في الشارع، ولم يكتفوا بذلك بل شاهدتهم يصعدون إليها ويسيطرون عليها وهم عزّل.

نعم، تصدّى الشعب الأعزل بصدره للجيش المسلح وأجبره على الاستسلام بدل أن يحصل العكس.

الشيء الطبيعي أنه عندما يكون هناك شخصان أحدهما مسلح والآخر أعزل فإنّ المسلح يفرض على الأعزل شروطه، بينما في تركيا القاعدة انعكست واستطاع الشعب التركي الأعزل اسقاط القاعدة والانتصار على الجيش.

بعد ذلك بدأت الأخبار كما ذكرت تتغيّر لمصلحة الشعب التركي، أي لمصلحة رجب طيب أردوغان.

ولكي نعرف لماذا انتصر الشعب لرئيسه فبنظرة سريعة الى الإنجازات التي حققها الحزب الحاكم للشعب التركي وهي باختصار تتمثل بالآتي:

1- وصل الناتج المحلي الى 1100 مليار دولار أميركي.

2- انتقلت تركيا من المركز 111 الى 16 بمعدل عشر درجات سنوياً، ما يعني دخولها نادي مجموعة العشرين الأقوياء الكبار (G 20) في العالم.

3- مطار اسطنبول يعد من أكبر المطارات في أوروبا ويستقبل في اليوم الواحد 1260 طائرة، إضافة الى مطار صبيحة الذي يستقبل 630 طائرة يومياً.

4- الخطوط الجوية التركية تفوز كأفضل ناقل جوي في العالم لثلاث سنوات على التوالي.

5- في 10 سنوات تم نصب مليارين و770 مليون شجرة حرجية ومثمرة.

6- خلال 10 سنوات تم بناء 125 جامعة و189 مدرسة و510 مستشفيات.

7- عندما اشتدت الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت أوروبا وأميركا رفعت الجامعات الاميركية والاوروبية الرسوم الدراسية بينما أصدر اردوغان مرسوماً يجعل الدراسة في كل الجامعات والمدارس التركية مجانية (على نفقة الدولة).

8- في 10 سنوات كان دخل الفرد في تركيا 3500 دولار سنوياً فارتفع عام 2013 الى 11 ألف دولار، وهو أعلى من نسبة دخل المواطن الفرنسي.

9- ارتفعت قيمة العملة التركية الى 30 ضعفاً.

10- اردوغان استطاع أن يسدّد عجز الميزانية البالغ 47 مليار دولار، وكانت آخر دفعة للديون التركية بمقدار 300 مليون دولار تم سدادها في حزيران الماضي للبنك الدولي.

11- بلغت القروض التي قدمتها تركيا خمسة مليارات دولار.

12- 100 مليار دولار أودعت في الخزينة العامة.

13- منذ 10 سنوات كانت الصادرات التركية 23 مليار دولار فأصبحت 153 ملياراً.

14- عملية تدوير للنفايات لاستخراج الطاقة وتوليد التيار الكهربائي ليستفيد 1/3 سكان تركيا منه.

15- وصلت الكهرباء الى 98٪ من منازل الاتراك.

أخيراً، أظن أنّ العبرة التي يجب أن نتعلمها هي أنّ زمن الانقلابات العسكرية قد ولّى الى غير رجعة لأنه ثبت أنّ الإدعاءات التي كان يتلطى وراءها الذين يقومون بالانقلابات هي كذب بكذب، وأنّ الشعب لم يعد يصدقهم، وأكبر مثال على ذلك كيف أسقط الشعب التركي إنقلاب الجيش.

أخيراً، ما أضحكني أنّ الاحتفالات التي جرت في دمشق على اثر شيوع نبأ الانقلاب وأنّ العسكر أطاح اردوغان ذكرني بحادثة أنّ المواطنين في بعض نواحي أفريقيا يحتفلون عندما تتزوج جدتهم، وهذا ما ينطبق على جماعة النظام المجرم في دمشق.

عوني الكعكي