شكّلت المسدّسات التركية في الأشهر الماضية خطراً أمنياً واسعاً في مدينة طرابلس وعموم مناطق الشمال، بسبب انتشارها الواسع بين أيدي الشبّان من دون رادع، واستعمالها في أكثر من إشكال، معظمها على أفضلية مرور في شوارع المدينة. وتعدّ المسدّسات التركية رخيصة الثمن قياساً بالمسدّسات والأسلحة الأخرى، إذ يتراوح ثمن المسدس بين 100 $ و 300 دولار أميركي بحسب نظافة القطعة، بينما يتراوح سعر المسدس من نوع 7 ملم أو 14 ملم بين 300 و 900 دولار أميركي.
ولكونها رخيصة الثمن إذاً، إنتشرت هذه الأنواع من المسدّسات وصار لها تجّارها ومروّجوها من اللبنانيين والسوريين، ليس فقط في طرابلس إنما أيضاً في عكار والمناطق الأخرى. وبينما الوضع كذلك، استقبل أهالي طرابلس والشمال بارتياح نبأ توقيف أمن الدولة لأحد أكبر تجّار أسلحة من هذا النوع، وتوقيف لبنانيين وسوري بالجرم المشهود ومصادرة 200 مسدّس تركي، ودعوا الأجهزة الأمنية إلى مواصلة هذا الجهد الذي يأتي بعد كشف القوى الأمنية أيضاً لجريمة قتل الشيخ أحمد شعيب الرفاعي واكتشاف مخازن أسلحة لدى القاتل المدعو يحيى الرفاعي رئيس بلدية القرقف السابق (المجلس البلدي قدم استقالته عقب الجريمة).
كما طالبوها بالضرب بيدٍ من حديد وصولاً إلى جمع الأسلحة المتواجدة بكثرة لدى المواطنين ويتم استعمالها بين الحين والآخر، بما يتنافى مع وجود الأجهزة الأمنية الشرعية واحتكام الناس للدولة وسلطة القانون. وكذلك دعوها إلى تعقّب مروّجي المخدرات التي تكتسح المناطق وتضرب عقول الشباب في مقتبل أعمارهم. ووفق أوساط طرابلسية وشمالية فإنّ مروّجي المخدرات أصبحوا معروفين لدى الأجهزة الأمنية والمطلوب التعاطي مع هذا الملفّ بحزم، وإذا كان هناك من غطاء سياسيّ فلا بدّ من رفعه، فعندما تأخذ السلطتان الأمنية والقضائية موقفاً حازماً لا يمكن لأحد مقاومتهما.
وتستشهد تلك الأوساط بحادثة اعتقال يحيى الرفاعي قاتل الشيخ أحمد شعيب الرفاعي. من جهة أخرى، أكّد مصدر أمني شمالي رفيع لـ»نداء الوطن» أنّ «توقيف تجّار الأسلحة التركية التي تغزو مناطق طرابلس، أكانوا تجّاراً صغاراً أو كباراً، يأتي بناءً على اعترافات لموقوفين بنتيجة مداهمة أشخاص في هذا السياق». وأضاف: «لدى القوى الأمنية موقوفون من النوع الخطير والأقلّ خطورة، وبعضهم قد مدّ شبكة عمله إلى ضواحي المدينة، والبعض الآخر قد وصل بنشاطه الأمني إلى حدود عكار والضنية ومناطق أخرى».
وأوضح المصدر أنّ هناك «تنسيقاً في الجهود وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية من أمن الدولة وقوى الأمن الداخلي ومخابرات الجيش وحتى الأمن العام، وأيّ كلام عن وجود تسابق أو صراع بين الأجهزة هو غير صحيح وهدفه التعمية على إنجازات الأجهزة الأمنية في أدقّ مرحلة يمرّ بها البلد بشكل عام والشمال بشكل خاص».
إلى ذلك، تشير معلومات «نداء الوطن» إلى أنّ المسدّسات التركية هذه تمّ إدخال كميات كبيرة منها في الأشهر الأخيرة عبر المعابر الحدودية غير الشرعية بين لبنان وسوريا، وبعض تجّارها هم تجار أسلحة صيد وذخيرة مرخصون، ومن بين من يشتري هذه المسدسات بشكل كبير عمّال الدليفري الذين ينقلون المشتريات ليلًا أو الأموال وذلك لحماية أنفسهم من السرقات، لكنّ انتشار هذه الأسلحة بشكل واسع قد أدّى في الفترة الأخيرة إلى تزايد نسب الجريمة في طرابلس والشمال، إذ بات استعمال السلاح يتمّ في أيّ إشكال مهما كان نوعه.