في موازاة الحراك الخارجي على خط محاولة حل ازمة لبنان الرئاسية وفك ارتباطه بملفات المنطقة المشتعلة، لا سيما حرب غزة بتعقيداتها ومداها الزمني غير المحددة نهايته بعد، شهدت الساحة الداخلية حركة «امنية»، غير مفهومة، غير منفصلة عن الوجه العنفي للنزوح السوري، المتمثل بعمليات الخطف والقتل والسرقة، وصولا الى هز اسس الامن الاجتماعي في البلد، تزامنا مع عودة الروح الى بعض الجماعات الاسلامية واحزابها، تحت عباءة قتال «اسرائيل» ومقاومتها.
فوسط هذه «المعمعة» عاد السؤال عن دور الجماعات الاسلامية، وسط مجموعة من المؤشرات التي برزت خلال الفترة الاخيرة، والتي طرحت اكثر من علامة استفهام، وصلت حدود المخاوف الجدية من عودة عقارب الساعة الى الوراء، وسط استهداف غير بريء، اصاب الجيش اللبناني، اولا، في المشهد الذي شهدته ببنين العكارية، والهجمة التي تعرضت لها الخطة الامنية الاخيرة لوزارة الداخلية، التي وصلت الى درجة مواكبة آليات قوى الامن الداخلي، بمسيرات استفزازية على الدراجات النارية، خلال عودتها الى مراكزها، في طرابلس.
وفيما كانت خطة الوزير الطرابلسي تشهد انتكاساتها المتتالية، بمشاهدها الشاذة، وسط حملة اعلامية وسياسية، وضعها المعنيون في خانة الانتقام السياسي، وتصفية ما تبقى من حسابات، بين طامح للانتقال الى السراي عبر «بوابة ضبط الامن»، و «مستقتل» للبقاء فيها من باب الوقوف الى جانب الشعب المقهور، كان اللغط والتساؤلات يدور حول لغز ما حصل حقيقة في الصيفي، ودور سيارة «الكمارو الحمراء» وتبرئة جهات امنية «لساحتها» وصولا الى انكار حصول اطلاق النار من اساسه، لعب الحظ لعبته مرة ثانية، ليكشف الدخان الاسود هذه المرة عن صندوق اسرار، احتوى عشرات المسدسات اتية من تركيا عبر مرفا طرابلس وجهتها احد المخيمات الجنوبية، برعاية شبكة لبنانية-فلسطينية، ابطالها متوارون في تركيا.
وفي هذا الاطار تتحدث المعطيات، عن ان التحقيقات لا تزال في بداياتها، لمعرفة كامل تفاصيل العملية، وان الاسئلة التي تحتاج الى اجوبة كثيرة ودقيقة، اهمها ما اذا كان هناك من عمليات سابقة لادخال السلاح بالطريقة نفسها، وما هي النوعيات، وما كانت وجهتها؟ ومن هم المتورطون؟ وهل هدفها تجاري بحت للبيع «بالمفرق»، ام للتسليم «بالجملة»؟
حتى اللحظة، تشير المعلومات الى ان المسدسات التركية، هي من النوع الخلبي، تستخدم في التدريب في الغالب، واستخدامها لاطلاق الرصاص الحي يؤدي الى تعطلها، حملت على متن الشاحنات في تركيا، التي انتقلت الى مرفا طرابلس بحرا بواسطة سفن خاصة، حيث يتم انزالها، واخراجها، دون خضوعها للتفتيش، اولا بسبب تعطل جهاز «السكانر»، والثاني، بسبب الضغط الناتج من عدد الشاحنات، التي يذهب قسم كبير منها نحو سوريا، لذلك فان عمليات التفتيش تاتي انتقائيا، وهي الثغرة التي نجح المهربون في النفاذ منها، مع العلم ان التحقيقات لم تبين حتى الساعة تورط اي من العاملين في المرفا.
غير ان اللافت في القضية، ان وجهتها كانت لمصلحة شخصية فلسطينية، متوارية عن الانظار، حيث يرجح انها موجودة في تركيا، تقيم في مخيم المية ومية الفلسطيني، على بعد مئات الامتار من عين الحلوة، حيث حركة ناشطة للجماعات الاسلامية فيه، والتي اخرجت كتنظيمات مسلحة منه بعد الاشتباكات الاخيرة التي شهدها، لتنتقل الى عين الحلوة.
وتبين المعلومات ان هذه الشخصية ربطتها علاقات بجهات «اسلامية»، كما انها سبق وقامت ببيع اسلحة ومعدات عسكرية لمصلحة جهات وتنظيمات، بعضها لبناني، رغم ان الاكيد ان هذه المسدسات غير صالحة لقتال «اسرائيل» ومواجهتها، والاهم ان نقلها تم عبر شاحنات تركية بقيادة اتراك. وللتذكير فان احدى الغارات الاسرائيلية ادت قبل شهرين الى مقتل تركيين خلال استهداف سيارتين لحركة الجهاد بالقرب من صور، دخلا لبنان خلسة.
وتضيف المعلومات ان نوع تلك المسدسات نفسه كان سبق واغرق السوق الطرابلسي منذ مدة، حيث بيع الواحد منها ب 250 دولارا، قبل ان تتمكن الاجهزة الامنية من توقيف «التاجر خ. ي.»، الذي تبين وجود علاقات بينه وبين جهات تركية، كان سبق وتعامل معها في فترة سابقة.
مصادر سياسية متابعة، ابدت خشيتها من وجود «قطبة مخفية» ترعى الموضوع الامني، حيث ثمة كلام يتم تداوله في «الصالونات الامنية – السياسية» مدعّم بمعلومات واردة من جهات خارجية، عن مخطط دولي – اقليمي يرمي الى خلط الاوراق في حال تطورت الاوضاع وزاد تعقيدها. مخاوف عززتها بحسب المصادر، الحركة الناشطة لبعض الشبكات والجماعات، والتي تبلورت ظهورا مسلحا مباشرا، في الشمال، تنصلت منه الجماعة الاسلامية، تزامنا مع حركة تجنيد لمقاتلين من المخيمات الفلسطينية، للقتال في الجنوب، من نهر البارد، والبداوي.
وتابعت المصادر، بان الترجيحات تذهب نحو خيار عودة الاغتيالات، تزامنا مع ما يحكى عن دخول المنطقة ككل دائرة التصفيات السياسية، وهو ما يزيد القلق من احتمال ردات الفعل في الشارع، الذي بات جاهزا في ظل حركة التسليح الجارية، مع دخول اسلحة باسعار في متناول يد غالبية الناس.