عن طريق الصدفة، اندلعت النيران في شاحنة للنقل الخارجي على أوتوستراد البترون، فسارعت فرق الإطفاء لنجدتها وإخماد الحريق.فظهرت المسدسات النارية، حيث تبين ان الشاحنة تنقل حمولة من المسدسات التركية المنقولة من الشمال الى بيروت، وبعدها الى كل مناطق لبنان لأجل بيعها.
وبحسب المعلومات، فإن ما يُقال عن موكب من الشاحنات التي تحمل السلاح التركي هو أمر غير دقيق، وهذا ما اكده بيان الجيش أيضاً، إنما تم تفتيش 6 أو 7 شاحنات اضافية بعد انكشاف أمر الاولى، وتم العثور بإحداها على حوالي 400 مسدس، كاشفة ان عدد المسدسات في شاحنة البترون لم يكن 500 كما قيل أيضاً، بل 304 مخبأة بطريقة احترافية، بالإضافة الى مماشط.
وتُشير المصادر الى أن سائق الشاحنة ليس من الجنسية اللبنانية، أما الخيوط الأولى للتحقيقات فتُظهر تورط لبناني وربما فلسطيني بشكل أساسي باستيراد الشحنة القادمة من تركيا، عن طريق البحرالى مرفأ طرابلس.
في السنوات التي تلت الأزمة الاقتصادية في لبنان، أصبحت المسدسات التركية من نوع “ريتاي” تأتي بأكثر من شكل وإصدار، وبعضها يصبح قادراً بعد الخراطة على إطلاق رشقات نارية. فهذه المسدسات الأكثر شهرة في لبنان بسبب ثمنها المنخفض، إذ تكشف المصادر أن سعر هذه المسدسات يتراوح بين 160 و300 دولار أميركي، وبالتالي يمكن للجميع تحمّله.
هذه الفورة بالمسدسات التركية حصلت في طرابلس وبيروت بالدرجة الأولى، إذ تكشف المصادر أن هذا السلاح انتشر في الأعوام 2022 و2023 بشكل كبير في طرابلس بين أيدي المراهقين والشباب، فارتفعت نسبة الجريمة، وحوادث إطلاق الرصاص، لذلك بدأت منذ العام 2022 المتابعة الأمنية المكثفة لهذا السلاح، مشيرة الى أن الخطر في سلاح “ريتاي” ليس فقط انتشاره بكثرة، بل أنه سلاح خضع للخراطة داخل لبنان، أي أنه تحول من سلاح خلّبي الى سلاح حيّ يُطلق الرصاص الحيّ، وهذا سبب انخفاض ثمنه في لبنان، ولذلك فهو يعتبر من المسدسات الخطرة للغاية على حاملها، لأنه قابل للانفجار بعد إطلاق عدة طلقات منه.
مع بداية انتشار هذا السلاح كان “ملكه” تاجر أسلحة صيد في الشمال يدعى خ. ي.، يمتلك رخصة لبيع أسلحة الصيد واكسسواراتها، وكان يعمل على شراء المسدسات في تركيا وتهريبها الى لبنان عن طريق البرّ عبر سوريا، مستغلاً تواجد عدد من المعابر غير الشرعية، وبحسب المصادر فإنه أدخل الى لبنان ما يزيد عن 5500 مسدس تركي في فترة أشهر قليلة، حيث كان يبيع الجزء الأكبر من الشحنة الى تجار السلاح بالجملة، وما يبقى يبيعه بالمفرق، ويومها كان تجار السلاح في لبنان يعتمدون عليه لتأمين السلاح التركي.
بعد متابعة أمنية دقيقة ومحاولة توقيف أولى فاشلة، تمكن جهاز أمن الدولة في شباط من العام الماضي من توقيف التاجر بالجرم المشهود، وبعد التوقيف أصبح هناك فراغاً في “السلطة”، يبدو أننا اليوم أمام من يحاول ملأه من جديد، وهذا ما يجعل المسألة مهمة وأساسية بالنسبة الى الأجهزة الأمنية، التي اكتشفت هذه الشحنات عن طريق الصدفة. واللافت فيها هذه المرة قد يكون استخدام البحر لإيصال الأسلحة الى لبنان، علماً أنه لا يمكن تأكيد التفاصيل قبل استكمال التحقيقات مع الموقوفين والغوص فيها.