Site icon IMLebanon

السلاح التركي: رشقات في الفضاء الأمني والسياسي اللبناني

 

 

يعيش لبنان استقراراً سياسياً هشّاً، وينعكس هذا الأمر على الأمن، ويزيد تدهور الوضع الإقتصادي والإجتماعي من خطورة حصول هزّات أمنية لأن الأرض مهيّأة والنار قد تشتعل بسرعة.

 

ولا يزال القرار السياسي الكبير بضبط الوضع الأمني ومنع تفلّته، لكن هذا الامر لا يمنع حصول خضّات صغيرة. وأتى خبر توقيف شاحنات تنقل سلاحاً فردياً في مرفأ طرابلس والبترون ليرفع منسوب المخاوف الأمنية.

 

كل ما هو ثابت في التحقيقات أن السلاح هو تركّي، ويتمّ نقله من تركيا إلى لبنان عبر مرفأ طرابلس بشكل تهريب. وهذا الأمر لا يمنع دخول شحنات أكبر عبر الحدود اللبنانية – السورية المتفلّتة. واختيار مرفأ طرابلس يأتي بسبب قربه من تركيا، وبعده بعض الشيء عن الدولة المركزية، وهناك تجار سلاح يعملون في التهريب ويؤمّنون خطوطاً لتجاراتهم.

 

دقّت حادثة طرابلس والبترون ناقوس الخطر لما قد يحصل، والأخطر ان الفلتان لا يقتصر على الحدود الشرقية والشمالية البريّة، والشكوى ليست فقط من المعابر غير الشرعية، بل من المعابر الشرعية أيضاً مثل مرفأ طرابلس.

 

وبحسب التحقيقات، فتجّار السلاح هم سلسلة مترابطة، تبدأ بأتراك وتمتدّ إلى سوريا ويتولّى التوزيع تجار لبنانيون وسوريون وفلسطينيون ينشطون في المخيّمات وجوارها. وليست المرّة الأولى التي تحصل فيها مثل هكذا عمليات تهريب، لكن الصدفة التي أحرقت الشاحنة في البترون كشفت عن شاحنات أخرى.

 

وإذا كانت الأجهزة تتابع التحقيقات لمعرفة كل تفاصيل حركة الشبكة وعملها والرؤوس الكبيرة، إلا أن التحقيقات لم تصل حتى الساعة إلى معلومات بوجود أهداف سياسية وراء السلاح أو إنه سلاح سياسي. ففي علم العسكر معظم الأسلحة المهرّبة كناية عن مسدسات تركية تستعمل للحماية أو للجرائم الفردية، وليست رشاشات أو قذائف أو صواريخ للتسلّح والتدريب، وتصريفها يتمّ عبر بيعها إلى أناس عاديين متخوّفين من الخلل الأمني ويقتنون مثل هكذا مسدس للحماية الشخصية، أو تذهب إلى بعض العصابات التي تتغلغل في المدن والضواحي والمخيّمات، وهنا لا يمكن إهمال أن عدداً كبيراً من السوريين والفلسطينيين قد يشترون مثل هكذا سلاح تحسّباً لأي حدث أمني خصوصاً بعد حملة ضبط الفلتان السوري.

 

وتستبعد الفرضيات أن يكون هذا السلاح آتياً لأحد الفصائل الفلسطينية، لأن مثل هكذا نوع من السلاح لا يُفيد لا في المواجهة مع إسرائيل ولا في أي صدام فلسطيني داخلي، فالسلاح الذي استُخدم في مخيّم «عين الحلوة» هو الرشاشات والقذائف وليس المسدسات. وكذلك يستبعد أن تكون هذه الأسلحة لـ»حزب الله»، فـ»الحزب» يملك الكثير من هذا السلاح، ولا يفيده في حرب المسيّرات والتكنولوجيا المشتعلة في الجنوب، في حين تحدّث البعض عن إمكان استخدام «حزب الله» مرفأ طرابلس بعدما بات له وجود قوي في داخل المدينة، لأن خطّ التهريب البرّي بين لبنان وسوريا بات مكشوفاً وإسرائيل تستهدف شحنات الأسلحة التي ينقلها بشكل دوري.

 

وإذا كان احتمال تهريب السلاح لبعض الجماعات الإرهابية والتكفيرية قائماً، إلا أن هذا الإحتمال يأتي من ضمن سياق تجارة السلاح، وليس هناك تمويل خارجي لمثل هكذا عمل. وهناك مخاوف لدى فاعليات عكار وطرابلس والضنية من تغلغل بعض المجموعات التي تحمل أفكاراً داعشية ومتطرفة، لكن تمركز هذه المجموعات هو في الشمال والمناطق باتت معروفة، بينما خطّ نقل السلاح سلك طريق طرابلس – بيروت وليس طرابلس عكّار، في حين لا يمكن إغفال مرور عدد من الشاحنات سابقاً إلى مناطق شمالية ولم يُلقَ القبض عليها.

 

وتستكمل مخابرات الجيش تحقيقاتها لمعرفة كل خيوط عملية التهريب، والتي تُعتبر من أكبر عمليات التهريب في السنوات الأخيرة، من دون ذكر عمليات إدخال «حزب الله» السلاح وكان آخرها حادثة كوع الكحالة. والأهمّ ما قد تصل إليه الدولة وما إذا كانت هناك جهات تركية نافذة داخل الدولة سهّلت عملية إدخال الأسلحة، بعد الحديث عن محاولة توسّع تركي داخل الساحة السنّية مستغلةً الغياب السعودي، لكن السفير السعودي وليد البخاري عاد لينشط في الملف الرئاسي أخيراً، فلماذا هذا التوقيت في كشف الشاحنات، أو إن الصدفة لعبت دورها؟