Site icon IMLebanon

«طوز» وزبالة وفساد؟؟

كان ينقص اللبنانيين في هذه الايام، ان تضربهم العاصفة الرملية، التي يطلق عليها ابناء الخليج العربي اسم «الطوز» ليكتمل الثلاثي المرعب، الطوز والزبالة والفساد، ولا يترك لهم سبيلاً سوى سجن انفسهم في بيوتهم، بعيداً من الشر، والروائح والامراض، ومن نظرات العالم التي تشفق على لبنان، الذي تحوّل من جنّة مياه وصحّة وطقس وعلم وثقافة واخلاق، الى مزبلة، وصحراء، وغابة،وشبه دولة يتحكّم فيها اللصوص والفاسدون وقطّاع الطرق، والذين يعطّلون الجمهورية، بتغييب رأسها، ويشلّون الحكومة ومجلس النواب وجميع المؤسسات العامة والخاصة، ويسوقون البلد الى الانهيار الاقتصادي، ويخشى العالمون بالمال والاقتصاد، ان يلحقه الانهيار المالي، لتكتمل عندها صورة الدولة الفاشلة المفلسة، والشعب الجائع.

****

تذكر الوثائق التي دوّنت اوضاع لبنان واللبنانيين اثناء الحرب العالمية الاولى، ان ربع سكان لبنان قضى جوعاً او قتلاً او نتيجة لأعمال السخرة التي فرضها الاتراك، وان حوالى الربع، هاجر طلباً للعيش ولاعالة من بقي حيّا من عائلته، واعتقد ان حجم المعاناة الذي وصل اليه اللبنانيون بسبب الفساد والمحاصصة والسرقات الموصوفة، وشلل الحياة السياسية الناتج عن الحروب، والاستقواء على الدولة والناس، لا يقلّ سوءاً عن الاحتلال التركي وممارساته الوحشية، وبالتالي فان التخوف من سقوط الدولة وانهيار المؤسسات، وانتشار الفوضى، امر حقيقي ومشروع، لا مبالغة فيه ولا تبصير، وما يجري في العالم العربي، وخصوصاً في سوريا الجارة الاقرب والعذابات التي تحصد مئات الالوف قتلاً وذبحاً وجوعاً ومرضاً وتهجيراً، هي دليل واقعي وشاهد حيّ على ان التاريخ قد يعيد نفسه، ولو بصورة او ظروف واسباب مختلفة، لكنها تؤدي الى النتائج الكارثية ذاتها.

* * * *

يؤكد صديق لي في باريس، ان اللبنانيين هناك مع اصدقائهم الفرنسيين، وهم كثر، قلقون جداً على الوضع في لبنان، في ظل اخبار عن خريف وشتاء مقبلين، بالغي الخطورة على لبنان وعلى الدول المجاورة وان تحرّك الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، واعلان عزمه على السفر الى لبنان، يأتيان بسبب تخوّفه من حصول احداث ليست بالحسبان، قد تطيح باستقرار لبنان النسبي، وهو نسّق جدول الزيارة مع عدد من الدول ذات التأثير المعنوي وغير المعنوي، ويتضمن الجدول عدداً من المواضيع الهامة ابرزها بذل جهد خاص لانتخاب رئيس للجمهورية، وبتحقيق هذا الغرض يكون قد بدأ بوضع لبنان على سكة النجاة، ويكون لبنان قد بعث برسالة ايجابية الى مجموعة الدعم الدولية التي تعقد اجتماعاً في نيويورك نهاية هذا الشهر لمناقشة سبل مساعدة لبنان سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. يذكر ان الحكومة الفرنسية بتشجيع من الرئيس هولاند، تابعت خطوات عقد هذا الاجتماع الذي سيكون على مستوى وزراء الخارجية.