يهبط البرميل بسرعة فائقة من الطائرة، يقف الطفل منتظرا وصول موته اليه. اللون الرمادي يسيطر على الصورة، لون البرميل يتماهى مع لون بشرة الطفل وسقف المنزل. يدهس البرميل الطفل السوري … ينظر الطفل الى السماء ويفتح ذراعيه متلقيا اطنان الحقد والجهل ليلفظ انفاسه الاخيرة عالقا بين السقف والبرميل. هذا الطفل الذي انتشرت صورته على ملايين الصفحات والحسابات الالكترونية من حول العالم لم يعد له مكان في سوريا، لا مكان هنا لحفنة من الاطفال الصغار العزل الذين يطمحون لسوريا حرة ديمقراطية، ضاقت تطلعات وتوجهات بشار الاسد بطموحاتهم. ضاقت البلاد به تماما كما ضاقت بمئات الاطفال الشهداء في مجازر الاسد الكيماوية العام الفائت وما قبلها وما بعدها.
لن يعود قتل الاطفال الى سوريا بعد مرحلة الاسد، ولكن صور اجسادهم الممزقة ستبقى حاضرة هنا وبقوة. تحيط من كل الجهات، تنتشر على صفحات المواقع، في خانات البحث على غوغل، في التغريدات، وصرخات الالم والعتب والغضب والقرف. يصرخ المدونون في وجه نظام مجرم وحلفاء له تحت هاشتاغ اطلق من لبنان وحظي بمشاركة سورية وعربية واسعة «#نحن_الطفل_انت_البرميل» لتقول، هل ظننتم ان قتل الاطفال وابادة جيل كامل من الشباب الثائر على ظلمكم وبطشكم واجرامكم سيربحكم الحرب والسلطة والاستمرارية، لا انها اوهام.
تويتر مكانهم المفضل، حيث وصف ريان موت الطفل بكلمات مؤثرة «عندما فتح يديه واستقبل البرميل: سقطت العمائم وهزلت»، عبد الرحمان مطر توجه الى السيد حسن نصرالله في سلسلة تغريدات «نحن شيعة الطفل وانت شيعة القتل»، «ليت صواريخكم على القصير والقلمون كصواريخ حيفا لكسر الزجاج فقط». جابر كتب مستغربا «بعد كل شي عم ينشاف قدام عيون العالم بعد في ناس واقفة مع البرميل»، وفي تغريدته الثانية وصف نظام الاسد وحزب الله قائلا «يا منتجا صهيونيا على سوريا واطفال سوريا». باسل حيدر اختصر وجهة نظر كثيرين «الوقوف مع اطفال سوريا ما بيطلب منك تكون من ديانتهم او مذهبهم او جنسيتهم بس كون انسان وحس بالمجزرة الانسانية الى بتصير». جورج كيفاعي استذكر الشهيد حمزة الخطيب بالقول «يمكن اطفال سوريا مش اثار ولا بترول بس انت ناسي يا بشار شو عملت قصة حمزة الخطيب».
اما فؤاد فسأل نصرالله «اطفال سوريا شي مرا تذكرتن بخطاب من خطاباتك؟»، ليكتب من جديد متسائلا «دايما بتحكي عن الانسانية واطفال اليمن وظلم السعودية دخلك ظلمك على اطفال سوريا وين؟». امال استعادت صور اطفال شهداء سقطوا من قبل «اتذكرون الطفلة ذات الفستان الازرق التي فقدت رأسها في احدى مجازر البراميل؟»، «لن ننسى صوت الطفلة التي كانت تقول «انا عايشة عمو انا عايشة» قتلها قصف الاسد لاحقا بعد شهور». من جهته اكد احمد «كبر اجرامكم حتى كبر كرهنا وحقدنا عليكم كبر اجرامكم حتى كبر انتقامنا لكم». ربيع ذكر «اكثر من 25000 طفل شهيد سوري برقبة الارهابي نصرالله الى يوم الدين». سليم ايضا وصف من يقصف المدنيين بالفاشل وكتب «قصف المدنيين يعني انك فاشل على كل المستويات».
ربيع اعلن عن تضامنه بالكلمات التالية «نحن اطفال حمص نحن اطفال القصير نحن اطفال ريف دمشق نحن اطفال درعا نحن اطفال حلب وانت برميل الارهاب». وسأل طارق السيد نصرالله «هل هذا بارهابي يا حسن نصرالله؟ اهذا هو سبب دخولك سوريا؟ لتنقذها من اجرام من تاريخه حافل بالارهاب بحق لبنان وسوريا؟». ابراهيم المكاوي غرد بكلمات مؤثرة «شو نافع الوطن من دون ضحكة طفل» واكد «رح يجي اليوم يلي نكتب «#انتصر الطفل«. باسم نصح السيد حسن بالاتي «خلي شعارك يا برميل ادركنا او البرميل الالهي او سدد برميلك، صدقا بيلبقولك اكتر كونك صاحب البرميل». حمزة سأل نصرالله «يا سيد ابنك شهيد؟ هل هادي يقبل ان تقتل اطفال سوريا؟ ماذا قال هادي عندما علم بتحول ابيه من رمز المقاومة الى رمز الاجرام؟».
اسامة ضاوي سأل بدوره «كيف يمكن لمن عانى من اجرام الصهاينة وقصفهم للاحياء السكنية ان يكون مع برميل فوق طفل اعزل»، ليكرر في تغريدة اخرى «هناك من يقتل ذبحا بالسكين وهناك من يقتل برصاصة وهناك من يرمي البراميل ليقتل الاطفال والنساء القاتل قاتل اما نحن #نحن_الطفل_انت_البرميل». ناهد يوسف قالت «مهما وصل حد الاجرام مهما قتلت ومهما حرقت ومهما عذبت ومهما اغتصبت ومهما دمرت سنبقى للحرية والكرامة نسعى». اما نور الدين الحسيني فغرد «لا تنفع كلمة برميل مع اناس لا يعرفون ما معنى كلمة طفل». كيندا الخطيب اكدت «لا فرق بين صور اطفال #قانا وصور اطفال #سوريا». مشهور نصرالله غرد بغضب «بدك نقول نصر الهي وهو فعل من افعال الشياطين خسئت يا نصراللات». م. بعريني قال «هذا البرميل هو افكاركم وطائفيتكم كرهكم للحياة للبراءة وهذا الطفل عكس كل ما انتم عليه».
ما سبق ليس تهويلا، بل هو الواقع البشع الذي تصل صوره وانباؤه على مواقع التواصل، هو الواقع الذي يرفض السيد حسن نصرالله الاعتراف به، لكنه الواقع الذي يروي تفاصيله اطفال سرقت منهم طفولتهم فجرت مدارسهم ومنازلهم وربما قتل اهلهم واتى دورهم لانتشال جثثهم الهشة العالقة بين السقف والبرميل او تحت الدمار او المتلاصقة والمشلوحة على الارض من جراء تنشقهم غازات السارين السامة. برميل سقط من احدى طائرات الاسد يوثق البشاعة التي يعاش فيها.