Site icon IMLebanon

ما دور “تويتر” في الحفاظ على حرية التعبير؟

 

المغرّدون اللبنانيون يلجأون إلى تقطيع كلمة “حزب لله” حتى لا يكتشفها السيستم

 

شكّل اقتحام مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة حدثاً عالمياً صادماً في أكبر الديموقراطيات في العالم، وأثار موجة واسعة من ردود الفعل المستنكرة وصلت الى حد إعلان موقع تويتر في بيان رسمي له إلغاء حساب الرئيس الأميركي الشخصي بشكل دائم على الموقع منعاً لحدوث “المزيد من التحريض على العنف”. لكن هذا الحظر غير المسبوق لرئيس دولة أثار بدوره عاصفة جدل قوية في الرأي العام الدولي حول حرية التعبير، لا يزال يتردد صداه حتى اليوم بين من يدعو مواقع التواصل لتحمل مسؤولياتها المجتمعية ومن يرى أنها ليست مرجعاً قانونياً لتقييد حرية الأفراد.

 

هُجِّر ترامب من البيت الأبيض وعن مواقع التواصل الاجتماعي وأقفلت في وجهه منصات أدمن استخدامها ببراعة و”حربقة” حتى وصل الى المرتبة الأولى عالمياً بين رؤساء الدول وقادتها بعدد متابعين وصل الى 88،7 مليون متابع على تويتر. وبعد تعليق حسابه الشخصي حاول ترامب الالتفاف على الموضوع واستخدام الحساب الرسمي للرئاسة الأميركية لانتقاد تويتر واتهامه بمحاولة إسكاته وإسكات الـ75 مليوناً من الذين صوتوا له.

 

هذا التحايل حدا بموقع تويتر الى منع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته من كتابة التغريدات عبر الحساب الرسمي المخصص لرئيس الولايات المتحدة الأميركية وحذف تغريداته سريعاً وقد برر الموقع ذلك بأن “استخدام حساب آخر في محاولة للالتفاف” على حسابٍ تم سابقاً تعليقه هو أمر “مخالف لقواعدنا”. فما هي هذه القواعد التي يعتمدها موقع تويتر لحظر حسابات او إلغاء تغريدات؟

 

متى يحق لتويتر حظر حساب أو حذف تغريدة؟

 

في سياسته العامة وقوانينه التي ينشرها تويتر على موقعه ويفترض بكل من يود فتح حساب قراءتها والموافقة عليها، يتعهد بالحفاظ على حرية التعبير لكنه في المقابل يعرض لائحة بكل التصرفات والتغريدات التي تعتبر مسيئة ويقدم بوضوح كلي نبذة عن الحالات الخاصة التي قد يتم فيها تقييد التغريدات. يمكن للأشخاص التعبير عن أنفسهم على تويتر بحرية ما داموا لا ينتهكون قوانينه الواضحة. ولا يقوم الموقع بحظر أي محتوى أو يحد منه أو يزيله استناداً إلى وجهات نظر المستخدمين أو آرائهم بل يعتمد في ذلك على عدد من المعايير أبرزها ورود تقارير الى الموقع تشير الى انتهاك حساب معين سياسة الموقع أو قوانين البلد أو حين ترى إدارة تويتر انتهاكاً لقوانينها.

 

يحق لأي شخص، إذا كان يمثل وكالة أو مسؤولاً حكومياً أو جهة خارجية تطبق القانون، ويرغب في حذف محتوى أو حسابات معينة يُحتمل أن تكون غير قانونية، تقديم طلب قانوني صالح الى إدارة الموقع التي تطلب منه أولاً مراجعة قوانين تويتر للتحقق من وجود انتهاكات محتملة لشروط الخدمة. كما يمكن أن يتم إرسال طلب قانوني للحصول على معلومات حول حساب تويتر بواسطة هيئة تنفيذ قانون، أو هيئة حكومية، أو محامٍ يمثل مدعى عليه في قضية جنائية، أو خصم مدني.

 

يقوم حينها أحد وكلاء تويتر أولاً بمراجعة الطلب القانوني لتحديد ما إذا كان يفي بالمتطلبات القانونية، وبعدها يقوم بمراجعة الحساب أو التغريدات المبلّغ عنها بحثاً عن أي إشارات إلى أن الطلب قد يسعى إلى تقييد حرية التعبير أو حظرها، أو يثير مخاوف أخرى مثل الحسابات التي تنتمي إلى صحافيين، أو الحسابات الموثّقة، أو الحسابات التي تحتوي على خطاب سياسي قبل دراسة أي تجاوب أو اتخاذ إجراء بشأن الحساب، أو قد يقوم برد الطلب برمته نتيجة لظروف متنوعة.

 

آراء لا تعجب البعض

 

بعيدأ عن التعقيدات التقنية تروي الناشطة باميلا غانم ما حصل من حظر لحسابها على موقع تويتر وتقول: “بداية تلقيت انذاراً بمنعي من التغريد لمدة 24 ساعة ثم إنذاراً آخر بمنعي أسبوعاً ليصار اخيراً الى إغلاق حسابي نهائياً. تواصلت مع مكتب تويتر الإقليمي بعدما عرفت أن إعادة فتح الحساب يجب ان تتم من خلاله وعرفت من المسؤولين انه يستحيل إعادة فتح الحساب لأن كمية التقارير التي ارسلت بحقي كبيرة جداً خاصة وأنني أتكلم عادة بمواضيع حساسة تثير الرأي العام بحسب قولهم. رفضت فتح حساب باسم آخر لأنني لم اشأ خسارة متابعيّ الذين يفوق عددهم 38000 متابع، وأدركت أنه في حال استعملت اللقب الذي عرفت به” باميلا عليها السلام” سيتم كشفي وحظر حسابي الجديد وهذا ما تم بالفعل.

 

إبعاد باميلا عن تويتر جاء نتيجة إنزعاج الكثيرين من آرائها الدينية والسياسية واستعمالها لقب “عليها السلام” الذي وجد فيه الكثيرون تحقيراً للدين. وكان مصدر غالبية التقارير التي وصلت الى تويتر الدول العربية وبعض الجيوش الإلكترونية التابعة لحزب معروف. وتشير باميلا في هذا الصدد الى انه كلما ازداد عدد المتابعين كان للآراء وقع أقوى وعندها يزداد الإنزعاج منها ويزداد الكارهون، فيما الآراء ذاتها في حساب عادي قد لا تثير ردود فعل تتطلب إرسال تقارير احتجاج الى الموقع.

 

سلكت باميلا الطريق القانوني لاستعادة حسابها عبر إرسال بريد إلكتروني الى مكتب تويتر، حتى أنها كلفت اشخاصاً على علاقة مباشرة بالمكتب لهذا الغرض لكن الأمر لم يكن ممكناً. وفي هذا السياق يضع تويتر في خدمة مستخدميه آلية معينة لاستعادة حساباتهم المقفلة او المقيدة عبر الدخول الى مركز المساعدة ثم اختيار قسم الحسابات الموقوفة وبعدها اتباع الخطوات المطلوبة مع توثيق رقم هاتف المستخدم وبريده الإلكتروني وفي حال لم يؤد ذلك الى نتيجة يمكن الاتصال بفريق الدعم الفني عبر بريد إلكتروني خاص بهذا الغرض.

 

طلبات وتقارير قانونية

 

تنقسم الطلبات القانونية التي يتلقاها تويتر الى فئتين: طلبات الحصول على معلومات صادرة عن سلطات تطبيق القانون وعادة ما تكون متعلقة بتحقيقات جنائية أو تبين وجود حالة طارئة ملحة تنطوي على خطر الوفاة أو الإصابة البدنية الخطيرة للاشخاص.

 

طلبات الإزالة حيث يتلقى تويتر في بعض الأحيان طلبات قانونية تفيد أن المحتوى المنشور على تويتر قد ينتهك القانون في بلد أو أكثر حول العالم أو طلبات تبلغ عن محتوى يُحتمل أنه ينتهك القوانين الخاصة بتويتر.

 

وفي تقرير الشفافية الذي ينشره موقع تويتر كل عام تبين أنه تلقى 12،700 طلب معلومات من حكومات بين شهري حزيران وكانون الثاني 2020 و 42.200 طلب إزالة محتوى. حتى إن لم تتلق تقارير بانتهاكات ما، فإن إدارة تويتر تستخدم تقنياتها للتعرُّف على الحسابات التي تشارك في سلوكيات قد تكون مسيئة أو مزعجة او مخالفة لقوانين تويتر ومنها السلوك المزعج المسيء، السلوك الباعث على الكراهية، تمجيد العنف والجماعات المتطرفة التي تتبنى العنف، الانتحار وإيذاء النفس، المحتوى الحميمي والمحتوى الحساس.

 

عندما تتضمن تغريدة تم الإبلاغ عنها أو تعرفت فيها الإدارة على محتوى مسيء، يتخذ تويتر الإجراءات اللازمة بناءً على شدة الانتهاك، وسجل الانتهاكات السابقة لهذا الشخص، والخصائص السلوكية للحساب، ويتم تنبيه المستخدمين إفساحاً بالمجال لإزالة المحتوى المسيء من تلقاء انفسهم، إلا إذا وجدت الإدارة انه غير مسموح لها القيام بذلك من قبل السلطات القانونية.

 

تتضمن هذه الإجراءات إما عمليات التوقيف الموقت للحساب، حيث يُمنع مالك الحساب من استخدام حسابه لفترة، او التوقيف الدائم للحساب الذي ينتهك القوانين بشكل متكرر أو فاضح. كما تؤدي بعض الانتهاكات، مثل التهديدات العنيفة المباشرة، إلى التوقيف الفوري للحساب. وقد يتم كذلك توقيف أي حساب إضافي يمتلكه الشخص أو يحاول إنشاءه للتحايل على التوقيف بشكل دائم.

 

أين لبنان من حرية التعبير على تويتر؟

 

في اتصال لنا مع مكتب مكافحة الجريمة الإلكترونية في لبنان نفى القيمون عليه اي دور لهم في حث موقع تويتر على حظر اي حساب أو حذف اي تغريدة، ولا تواصل بشكل مباشر بينهم وبين الموقع. ووفق ما عرفنا من مصادرنا الخاصة ان الأمن الداخلي اللبناني لا يعتبر تويتر كمرجع رسمي او قانوني لطلب المعلومات، وفي حال وجود قضايا تمس أمن الدولة او وجود خطر إرهابي يعمل الأمن الداخلي على أخذ اشاراته من مرجع قضائي أو من الإنتربول لا من تويتر. وحتى اليوم لم يصدر عن الدولة اللبنانية اي أمر بحجب موقع تويتر او حظر حسابات لأشخاص فيه. وبالفعل لا يظهر اسم لبنان ضمن تقرير الشفافية الذي يصدره موقع تويتر كل عام، فيما تظهر أسماء عدد من البلدان العربية في التقرير المذكور بينها قطر والمملكة العربية السعودية وتونس والإمارات.

 

لمزيد من الاستفسارات سألنا الخبير في شؤون مواقع التواصل رولان أبي نجم عن حظر تويتر لبعض المواقع او التغريدات لأشخاص لبنانيين فأجابنا أن تويتر وفيسبوك يخضعان للقانون الأميركي وكون هذا الأخير قد وضع “حزب الله” على لائحة الإرهاب فإن اي تغريدة تتعلق بالحزب تتم إزالتها، لذا بات المغردون اللبنانيون يلجأون الى تقطيع كلمة “حزب لله” حتى لا يكتشفها السيستم. وكان قد تم سابقاً حظر الحساب الشخصي لجواد نصرالله. وحالياً يمنع تويتر التداول بأخبار الكوفيد-19 منعاً لانتشار الأخبار الكاذبة والتداول بكل ما له علاقة بالعقوبات الأميركية على أفراد او مجموعات وكذلك كل ما من شأنه أن يسيء الى حرية بعض الفئات والتعرض لهم. لكن مراقبة كل الحسابات ليس بالأمر الممكن، لذا حتى يتخذ إجراءات الحجب يجب ان يتلقى تويتر تقارير بشأن حساب ما او بواسطة نظام جديد يتبعه حالياً يعرف باسم Birdwatch شبيه بمفهوم كل مواطن خفير حيث يتبرع المستخدمون من تلقاء انفسهم للإضاءة على اي محتوى مسيء او يمس بقوانين تويتر.

 

اخيراً تجدر الإشارة الى ان الحكومات في اي بلد قد تلجأ الى استدعاء ناشطين معينين وجدت في تغريداتهم ما يخالف قوانين البلد او يمس بالمحرمات لكن تويتر لا يعطي الإذن بسحب هذه التغريدات بناء على طلب الحكومة إذا وجد أنها لا تخالف قوانينه او القانون الأميركي الذي يتبع له.