من الإجحاف عدم الإضاءة على نقطة إيجابية إذا كانت موجودة، كما من غير الجائز عدم الإضاءة على نقطة سلبية لتصحيحها.
نقطتان إيجابيتان حصلتا أخيراً تستحقان الإضاءة عليهما:
الأولى، إقرار الموازنة العامة للعام 2017 في مجلس الوزراء، والثانية ذهاب لبنان بوفدٍ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلى قمة عمَّان.
في ما يتعلَّق بإقرار الموازنة، فإنَّه ليس قليلاً أن يتمَّ هذا الإنجاز بعد إثني عشر عاماً من الإنقطاع، إذ إنَّ آخر موازنة كانت قد أقرّت عام 2005، وهذه نقطة تُسجَّل للعهد وللحكومة في آن، فرئيس الجمهورية رفض أن يبدأ عهده بالإستمرار في الصرف على القاعدة الإثني عشرية، ورئيس الحكومة أصرَّ في جلسة أول من أمس الإثنين، على مواصلة الجلسة إلى حين الإنتهاء من إقرار الموازنة.
تبلغ نفقات الموازنة بحسب الطبعة الأخيرة 17 مليار ونصف مليار دولار.
وتبلغ الإيرادات في المقابل، 11 مليار ونصف مليار دولار.
فيكون العجز نحو 6 مليارات دولار.
هل من خطوات نوعية تحققت عند إقرار الموازنة؟
المداولات توصلت إلى خفض كعكة النفقات في بعض الوزارات التي كانت تمارس البذخ والهدر. ومن العلامات الإيجابية أيضاً، إخضاع إنفاق الصناديق للرقابة المسبقة، ولا سيما الصناديق التي تُغذى من القروض والهبات.
لكن هل انتهى كل شيء بالنسبة إلى الموازنة؟
بالتأكيد كلا.
فالموازنة ما زالت مشروع قانون ولم تصبح قانوناً، وأمامها درب طويل في مجلس النواب، حيث ستُحال إلى لجنة المال والموازنة لدراستها بنداً بنداً، ومن لجنة المال تُحال إلى الهيئة العامة، وبعد أن يُحدِّد الرئيس نبيه بري موعداً لجلسات المناقشة تخرج شيئاً فشيئاً من النفق.
لكن ماذا عن قطع الحساب؟
هذه هي العقدة الكأداء، وهذه العقدة هي عقبة دستورية، فكيف سيتمُّ تجاوز ال 11 مليار دولار التي ستُظهرها أرقام قطع الحساب؟
قد تتمُّ معالجة هذا الأمر بعد عودة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من القمة العربية، بالتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقد ينعكس التوافق الذي سيسود في القمة على الملفات الداخلية.
القمة تنعقد اليوم وهي القمة الثامنة والعشرون، وأهميتها بالنسبة إلى لبنان نابعة من مسألتين:
الأولى أنَّ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يشاركان للمرة الأولى في وفد واحد إلى الخارج، فيما كلمة لبنان سيُلقيها رئيس الجمهورية.
والمسألة الثانية أنَّ الإجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب تبنى بالإجماع الورقة التي تقدَّم بها لبنان، مما سينعكس إيجاباً على الأجواء اللبنانية داخل أروقة القمة، وهذا ما سيشكِّل دفعاً مهماً للّقاءات التي ستشهدها القمة بالنسبة إلى الوفد اللبناني، ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على الوضع اللبناني بعد القمة.