IMLebanon

أجندتان و«محور» واحد؟

 

سأتّكل على الله وأفترض مبدئياً، أن قرار مجلس الأمن في شأن وقف النار في الغوطة الشرقية، سيكون امتحاناً آخر لـ«متانة» وحدة حال أهل المحور الروسي – الإيراني وملحقاته الأسدية.

 

موسكو كانت تستطيع استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن للمرة العاشرة في شأن الوضع السوري، لكنها لم تفعل. وهذا يعود إلى الأصل القائل، بأن «مصالحها» الدولية أوسع وأشمل من حدود التلاقي مع إيران على حساب تلك المصالح! وأن مشاركتها «جوياً وفضائياً» في ما حصل ويحصل في الضاحية الدمشقية المنكوبة، كان في جزء مهم منه، ردّاً منها على التطوّرات الميدانية والسياسية «المهينة» التي أصابتها على أيدي الأميركيين من دير الزور إلى سوتشي!

 

لكن الأمر، بالنسبة إلى إيران وملحقاتها الأسدية، غير ذلك. وهي في الأساس وافقت مضطرّة مع الروس والأتراك على وضع الغوطة في سياق المناطق الآمنة الأربع في محادثات آستانة.. وقَبِلَت على مضض تغيير التكتيك من دون تغيير الاستراتيجيا. وهذه في كل حال، لا تنزل تحت سقف تابعها الدمشقي بوصة واحدة: لا حل سياسياً مع البيئة المعارِضة وفصائلها السياسية والعسكرية. بل المطلوب الوحيد هو الحسم في الميدان! طالما أن «معركة الشام» تتبوّأ في حسابات صاحب الشأن الإيراني، مرتبة الأولوية القصوى! بل هي، على ما قيل في طهران، تُعتبر معركة «شخصية» لـ«الولي الفقيه» في سياق رؤيته العامة لأحوال هذه الدنيا، حيث يختلط مُعطى «الثأر التاريخي» القومي والمذهبي، مع مقتضيات الجموح التوسعي والنفوذي والقطبي، والضرورات الحاسمة لتأمين خط الوصل بين طهران وشواطئ المتوسط.

 

وما كان لعاقل في الأصل، أن يظنّ أو يتخيّل أن التركيبة الأسدية قابلة أو مهيّأة أو مستعدة لتقاسم السلطة مع أكثرية السوريين، فكيف الحال مع تخلّيها مكرهة وبالقوّة، عن تلك السلطة؟! وكذا الحال مع «الحماة» الإيرانيين، الذين تماهوا مع أهدافهم إلى حدود مستحيلة.. إلى حدود استباحة الدم العربي والمسلم الأكثري والتباهي بذلك! وإلى حدود توسُّل الانفتاح على عالم «الكفَّار» الغربيين في مقابل إكمال الإقفال مع أهل «الأمّة» الدينية الواحدة في الجوار! وإلى حدود طمأنة إسرائيل (مجدّداً) إلى تراجع «الاهتمام» «الممانِع» و«المقاوِم» بها! وإلى «ضرورة» أن تستخلص العِبَر مما يجري في سوريا منذ سبعة أعوام، وفي غيرها، من اليمن إلى العراق إلى لبنان، حيث الأولوية التامّة هي لاستكمال آلية الفرز بين الأقلّوي والأكثري! وترجمة ذلك فعلياً وواقعياً بالنار والقتال، فيما لم تُطلق ولا تُطلق رصاصة واحدة في اتجاهها إلاّ عَرَضاً! واضطراراً! وحفظاً لديمومة المتاجرة بالشعارات ليس إلاّ!

 

.. ومرّة أخرى، يجوز الظنّ والافتراض، بأن الروس ليسوا مهتمّين سوى بالجزء الذي يعنيهم من هذه الأجندة! وأن حساباتهم السورية ليست مؤدلجة إلى ذلك الحدّ! وأن حرصهم الأول هو على صورتهم وأهدافهم الكبرى، وهذه تأخذهم إلى رعاية «الأمن الإسرائيلي» تارة! وعدم الاشتباك المباشر مع الأميركيين تارة أخرى! و«الاستماع» إلى «نصائح» الألمان والفرنسيين تارة ثالثة! والتحالف والتفاهم مع الأتراك تارة رابعة! ودوام الاتصال مع دول الخليج العربي تارة خامسة!.. ثمّ، الأهم في الإجمال، هو الاستمرار في تقديم صورة المستعدّ الدائم للمقايضة الشاملة، بين «الجزء» السوري، و«الكلّ» المتّصل بالعقوبات وتمدّد «الناتو» والعلاقات مع الغرب عموماً!

 

بين الأجندتين الروسية والإيرانية تمر فاصلة القرار الدولي بوقف النار في الغوطة، وتمر معها، هذه «القراءة المتفائلة»، بأن الروس (الأجانب!) سيكونون أكثر رأفة بأهل الغوطة وأطفالها، من الإيرانيين (المسلمين!) والأسديين (العرب!) وأن عدم استخدامهم «الفيتو» في مجلس الأمن أصاب حلفاءهم هؤلاء بالقنوط.. حتى إشعار آخر! أو حتى حصول واقعة أخرى مشابهة لواقعة استهداف «ميليشياتهم» في دير الزور في 7 شباط!