Site icon IMLebanon

شرطان لتسليم واشنطن زمام الأمور في سوريا لموسكو

 

الضربة الاميركية – الفرنسية – البريطانية ضد النظام السوري، لم تستهدف تغيير المعادلات في سوريا، ولم تستهدف الروس، ولم تستهدف إسقاط النظام. استهدفت فقط استعمال النظام للسلاح الكيماوي، وجاءت بحسب مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، بُعيد اتصالات غربية – روسية لتأمين اثنين: وضع حد لاستخدام النظام السلاح الكيماوي، والعودة سريعاً الى طاولة التفاوض وفق القرار ٢٢٥٤ ووثيقة جنيف. النظام عاد الى استعمال الكيماوي بعد الضربة الاميركية اثر مجزرة خان شيخون قبل عام، لانه اعتقد ان سقف الضربات الاميركية لن يصل الى إسقاطه، ولانه اعتقد ان الاميركيين لم يحسنوا توظيف الضربة السابقة وادارة نتائجها لاجراء تغييرات ما في سوريا. وتستبعد المصادر، بعد الضربة الاخيرة ان يقتنع النظام بالعودة الى طاولة التفاوض وتقديم تنازلات للحل السياسي، اذ انه لا يشعر ان هناك ضغوطاً روسية عليه للتوصل الى الحل، ولانه مع الروس يعتبر انه في ظل الواقع على الارض لماذا يقدم تنازلات، فالاميركيون لم يتمكنوا من انهاء نظام بشار الاسد، عبر مجلس الامن، وهم قبلوا في الآونة الاخيرة بالخط الاحمر الذي وضعه الروس وهو الحفاظ على النظام.

 

لا يعرف الروس بدقة، بحسب اوساط ديبلوماسية في موسكو، ما هي السياسة الحقيقية للرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي أعلن انه سيسحب قوات بلاده من سوريا لكن ليس في الوقت الحاضر.

 

بحسب المصادر، ترامب متناقض وليس واضحاً ما اذا كان سيغير استراتيجيته في سوريا ام لا. لكن بالنسبة الى الروس، الاميركيون موجودون في سوريا، انما وجودهم يعرقل اي خطة للحل السياسي، وذلك من جراء عدم الوضوح هذا. موسكو تعتبر نفسها تقوم بمحاولات للحل من خلال مؤتمرات استانا وسوتشي ومن خلال القمم الثلاثية مع الاتراك والايرانيين. وايضاً من خلال عمليات وقف التصعيد، والمصالحات التي تقوم بها في سوريا ولو كانت استسلاماً للمعارضة. كلها خطوات تمهد للحل السياسي، في حين ان الولايات المتحدة لديها قواعد عسكرية في سوريا، وهي تعمل على اطالة امد الحل السياسي مروراً بالمعادلة بينها وبين الاكراد والنظام.

 

ولا تزال الازمة السورية معقدة، لا بل ان القمة الاميركية – الروسية المنوي عقدها في البيت الابيض في ٢٠ نيسان الجاري ستوضح العديد من الامور بالنسبة الى سوريا، والى المنطقة وملفاتها الملتهبة. انما لا يمكن الجزم، بأن القمة ستُرسي، في حال عقدها، حلاً جذرياً للازمة السورية عبر تقاسم المغانم، او ان يكون قد حان الأوان لهذا التقاسم. ذلك ان التوقعات المتفائلة تشير الى ان الأمور تحتاج إلى ما بين اربع وخمس سنوات للتوصل الى الحل السياسي في سوريا. وتستبعد المصادر، ان يكون لفرنسا دور على الارض في سوريا، اذ ان الاوروبيين يعملون ضمن الدور الاميركي، وليس منفردين. لا بل ان اوروبا لم يعد في مقدورها القيام بدور منفصل عن الدور الاميركي في الازمات، وباتت اضعف من ان تقوم بدور مستقل عن الدور الاميركي. واذا كانت واشنطن لا تمتلك حتى الآن سياسة واضحة حول سوريا، فان اوروبا حتماً ليس لديها وضوح في تحركاتها. كما انه من المستبعد، تبعاً لذلك ان تقوم فرنسا بأي تغيير استراتيجي، حيث لا امكانات عسكرية، ولا مالية، ووحدها الولايات المتحدة هي التي تمتلك هذه القدرات. كما انه من المستبعد ان تنسحب واشنطن من سوريا وتترك الامور هناك لروسيا ولايران، ولا سيما في ظل مواقفها المعروفة من الوجود الايراني ووجود “حزب الله” هناك.

 

والحالة الوحيدة، التي قد تنسحب فيها واشنطن من سوريا، هي وجود اتفاق مع الروس من اجل ازالة دور ايران في سوريا، والتعهد بالقيام بهذه المهمة، بالتوازي مع ضمان امن اسرائيل.عندها فقط تُسلّم الولايات المتحدة الامر كله في سوريا لروسيا.