أربعاء الحوار لن يكون تقليدياً، اذ لأول مرة في سجل الحوارات اللبنانية المزمنة، يكون حوار على الطاولة وصراخ في الشارع. الحراك الشعبي على تعددية حملاته وشعاراته يخطط لرفع الصوت بأقوى ما يستطيع، وأطراف الحوار تبحث عن قاعة هادئة بنوافذ محكمة كي لا تسمع ولا ترى أكثر مما يجب، وسوى ما تجده ممكناً من حواضر الحوار.
وفي هذا الخضم من الاستعدادات المتبادلة، أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع قناعته بلا جدوى الحوار المستجد، قياساً على اللاشيء الذي انتهت اليه الحوارات السابقة، وتحديداً منذ العام ٢٠٠٦، الا ان الحكيم ترك ثغرة في موقفه السلبي من الحوار المدعو اليه، تمثلت باعلانه الاستعداد لاعادة النظر بهذا الموقف لقاء شرطين: الأول، حصرية الحوار بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية، والثاني تعهد حزب الله بحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية… وهذان الشرطان، لا يدخلان في خانة الشروط المسكوبية، اذ ليس بينهما شرط فتح ملف الاستراتيجية الدفاعية التي تنقّز حزب الله، ولا تالياً انسحاب حزب الله من الحرب في سوريا، فقط المطلوب، لاكتمال طاولة الحوار، حصر البحث بانتخاب رئيس الجمهورية، الذي هو حجر العقد في بناء الدولة كما يقول وزير العدل أشرف ريفي، واشتراك حزب الله بجلسة الانتخاب هو لضمان نصاب الجلسة، وبالتالي وقف عداد الجلسات الرئاسية…
هنا ثمة من لاحظ بأن جعجع اشترط حضور حزب الله جلسة الانتخاب ولم يشر الى التيار الوطني الحر، وحلفائه المقاطعين في الثامن من آذار؟
البعض اعتقد أن جعجع تجنب ذكر التيار وحلفائه بعدما أشاد في ذات الخطاب بالتواصل معه، فضلاً عن وجود اعلان النيات بين التيار الحر والقوات، فيما اعتبر البعض الآخر شرط حضور نواب حزب الله يشمل نواب التيار والحلفاء، ضمناً وحكماً، من دون حاجة للمزيد من التسميات…
أوساط دبلوماسية متابعة تشجع على اللقاء الحواري المطروح، بوجه احتمال فلتان ضوابط الشارع، وترى أنه رغم تحرك مجلس الامن الدولي على الايقاع اللبناني فإنها تشك بامكانية وضع لبنان على سلم الاهتمامات الدولية الفعلية الآن، وإن كانت تعتبر في المؤتمر الدولي حول لبنان، المقرر في نيويورك بمثابة محطة مهمة.
ومرد شكوك هذه الأوساط أن روسيا هي التي ترأس مجلس الامن هذا الشهر والموقف الروسي القابض على الوضع في سوريا، لمصلحة النظام، لن يكون علقماً في سوريا وعسلاً في لبنان…
هذه الاوساط تعترف بغرابة الوضع اللبناني، وكيف ان هذا البلد ما زال قادراً على حماية استقراره السياسي والأمني، رغم الشلل الذي طال مختلف مؤسساته الدستورية والادارية والتنموية، والى حد الغرق في النفايات، الا انها تتوقع المزيد من الصعوبات، نتيجة تعاظم الحراك الشعبي المتجه صعوداً وتصعيداً الى درجة الخطورة.. خصوصاً اذا لم يتوصل المتحاورون الى ما يبرّد الغضب المشتعل في الشارع، وهم قد لا يتوصلون الى الكثير قياساً على حاضر العلاقات الدولية والاقليمية.
بيد أن الأوساط النيابية المراهنة على حوار الأربعاء، واثقة من أنه لن يكون من مصلحة المتحاورين صبّ الزيت على النار، وان غاية كل منهم ستكون التهدئة، اذا بدا ان التوصل الى حلول ما زال متعذراً، خصوصاً على مستوى رئاسة الجمهورية، التي هي الأساس، وبحيث يتحوّل المؤتمر الجامع، الى ما يشبه نمط الحوار القائم بين تيار المستقبل وحزب الله، انما موسعاً هذه المرة، وتحت الرعاية ذاتها، أي رعاية الرئيس نبيه بري.
هنا يرى النائب السابق مصطفى علوش، ان من مصلحة كل الأطراف ان لا ينفضّ الحوار على خلاف، أو ان يفرط عقده، لأن في عدم نجاحهم هدية مجانية للحركات الشعبية في الشارع، فكيف اذا فشلوا؟!