Site icon IMLebanon

سيناريوهان ماليّان قد يتبلوران نهاية الشهر

 

رغم اختلاف الآراء حول ما ستؤول اليه الاوضاع المالية والاقتصادية في الايام المقبلة، إلّا انّ أحداً لا يُسقط احتمال ان تعمّ الفوضى البلاد وتتسارع الاحداث في حال طالت الاحتجاجات وما يتبعها من اقفالات أهمّها في القطاع المصرفي، ممّا سيؤدي الى نفاد السيولة لدى المواطنين والى اضطرابات قد تصل الى حدّ اندلاع أعمال شغب.

 

تتناقض آراء المجتمع المالي حول حزمة الإصلاحات الاقتصادية الطارئة التي أعلنت عنها الحكومة، في محاولة لدرء الأزمة ونزع فتيل أكبر الاحتجاجات في البلاد منذ عقود. وتختلف وجهات نظر الاقتصاديين محلياً بين بعضهم، لتتناقض أيضاً مع وجهات نظر الاقتصاديين الدوليين الذين لم يروا في الورقة الاصلاحية، التي اعلن عنها رئيس الحكومة سعد الحريري، أي إصلاح حقيقي قد يحفّز المانحين الدوليين على تحرير القروض الميّسرة التي تعهّدوا بها من اجل مساعدة لبنان.

 

وفي هذا الاطار، رأى الخبير الاقتصادي شربل قرداحي، انّ التطورات المالية والانهيارات تتسارع دائماً مع بدء التظاهرات والاحتجاجات، كاشفاً عن وجود سيناريوهين اساسيين قد يحصلان اليوم ويؤثران على الوضع المالي والاقتصادي، وتبلغ نسبة حصول كلّ منهما 50 في المئة:

 

1- ان تتجّه الحكومة نحو اقرار الموازنة في المجلس النيابي، وهو الامر الذي قد يتلقفه الرأي العام والسوق المالية والمودعون والمستثمرون، بإيجابية، وبالتالي يؤدي الى تراجع ضغط الشارع لتعود الامور الى طبيعتها تدريجياً.

2- ان يصرّ الرأي العام والسوق المالية والمودعون والمستثمرون على انّ الاجراءات التي اتخذتها الحكومة غير كافية. وبالتالي «نكون قد دخلنا حلقة متسارعة من الانهيار. وستبدأ في الاسابيع المقبلة الاضطرابات الاجتماعية وتتفاقم الأزمات تباعاً، وقد ينعدم وجود الدولارات لاستيراد المواد الاساسية…».

 

واوضح قرداحي لـ«الجمهورية»، انّ المواطن لم يعد يثق بالوعود، وبالتالي عند اقرار اي اجراء او قانون، كالموازنة وغيرها، لن يتأكّد المواطنون إلّا عندما يرونه في الجريدة الرسمية. لافتاً الى انّ الكثير من قرارات الحكومة تصل الى مجلس النواب وتعلق هناك في جدل بيزنطي، «على سبيل المثال فانّ قانون استعادة الاموال المنهوبة يقبع في المجلس النيابي منذ العام 2013 ولم يصوّت أحد عليه. لذلك فانّ اقرار مجلس النواب لقانون الموازنة والاصلاحات الاخرى التي اقرّتها الحكومة من خارج الموازنة، إن حصل، قد يبعث ببعض الارتياح لدى المواطنين ولدى الاسواق المالية. أما المماطلة، فستقوّض الثقة بالاجراءات».

 

وقال قرداحي، انّ رواتب وأجور موظفي القطاعي العام والخاص تُستحق في الاسبوع المقبل، ولن يكون في امكان الدولة وشركات القطاع الخاص تحويل تلك الاجور الى حسابات الموظفين المصرفية بسبب اقفال المصارف، وبالتالي ستنفد السيولة لدى المواطنين ولدى قوى الامن وكافة موظفي الدولة والقطاع الخاص، ولن يتمكنوا من استخدام بطاقاتهم الائتمانية، بالاضافة الى انّ أجهزة الصراف الآلي أصبحت خالية من الاموال.

واعتبر انّ هذا الوضع سيخلق اضطرابات اجتماعية وعصياناً مدنياً وعمليات شغب قد تصل الى حدّ الاعتداء على المحال التجارية بهدف تأمين احتياجات المواطنين الغذائية.

 

المنلا

توقع مستشار رئيس الحكومة نديم المنلا امس لـ«رويترز»، أن يكون ردّ فعل المانحين الأجانب على الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة «إيجابياً للغاية»، معتبراً أنّها تبعث رسالة واضحة أنّ البلاد تتعامل مع عجز الموازنة.

واوضح، أنّ بعض الجماعات السياسية اقترحت إجراء تعديل وزاري، وأنّ مثل هذه المسألة ستُحسم خلال أيام لكنها لم تصل بعد إلى حدّ النقاش الجاد ولم تصدر عن رئيس الوزراء سعد الحريري.

وقال المنلا، إنّ حمَلة السندات اللبنانية لن يتأثروا بالإصلاحات التي تشمل خفض خدمة الدين، مضيفاً أنّ من المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي صفراً بالمئة في 2020.

 

دالي

في المقابل، وصف كيفن دالي، مدير الاستثمار في الأسواق الناشئة في مؤسسة «أبيردين ستاندرد» للاستثمارات، الوضع، بأنّه «مجرّد فوضى لن يعود بالامكان تحمّلها».

وقال لـ«رويترز»: «لا أعتقد أنّه المسمار الأخير في النعش، إلّا انّ الوضع يُنذر بالأسوأ وسيتكشّف سيناريو سلبي جداً».

واشار الى انّ تحميل المصارف عبء خفض كلفة خدمة الدين العام هو بمثابة تخلّف الحكومة عن السداد، «وهو أمر لا يحلّ أية مشكلة بل يخلق المزيد من الأزمات. فانّ اي عملية haircut، أي اقتطاع نسبة من قيمة السندات، ستؤدي إلى شلّ المصارف وإلى هبوط سعر صرف الليرة وفك ارتباطها بالدولار».

ودعا دالي الى اخذ العِبَر مما حصل في الأرجنتين في العام 2001، عندما تعثرت العملة المحلية وتخلّفت البلاد عن السداد، ممّا ادّى الى حدوث فوضى عارمة. وشدّد على انّ خفض الدين العام بهذه الطريقة لا يعالج المشكلات، «ولهذا السبب، من الحكمة ان يتمّ وضع خطة. لقد كان هناك بعض التعديلات المالية، لكنها ليست كافية».