مياه تدفّقت من “خراطيم” أَمنية يهطُل منها النظام مهدّداً حقوق الناس داخل عرض مثير لعضلات سلطة سياسية فاشلة. الحواجز الحديد التي فكّكها بعض عناصر الحراك كانت تشكل حاجزاً بين أهل الحكم والشعب مانعاً الحوار: كلام وإصغاء في سبيل إيجاد حلول لمعضلة حُكم عاجز حتى عن إيجاد حلول لمعضلة النفايات التي كانت القشّة التي قصمت ظهر البعير.
أكان من الطبيعي أن يستمر شبابنا في صمت مميت كي لا ينزعج الحكّام الذين يتلقّون عادة أوامر في إدارة “حراكهم” السياسي من مصادر خارجية عديدة ساهمت في تقرير مصير دولة تفكّكت بمن فيها.
مغامرون؟ نعم. ولهم حق الاشتراك في تقرير مصير ما يُطمئن إلى مستقبل أفضل من حاضر مشلول بلا أفق منذ ذاك “الآذار” المشؤوم الذي أخذ المجتمع اللبناني إلى دهاليز الانشقاق في ظلّ حكّام أصنام منفوضة، مضحكة، مبكية، متحجرة…
ولما الخارج منشغل اليوم بما لا يخص لبنان انشغل حكّامه بإتمام مشاريعهم الخاصة في ظلّ ارتكاب بلا حدود، وهكذا ما بقي للبنان ولأبنائه أمل في تغيير ونماء، ونام الزعماء على حرير الإهمال واللامبالاة بمطالب شعب قرف من أسلوبهم في الاستعلاء والتقاعس والتأجيل بوقاحة رجال العصابات، بعيداً من رجال وظيفتهم بناء الأوطان.
فكيف لأبنائنا أن يلزموا الهدوء الصامت أمام من أكل حقوقهم بخبث وحرمهم الاطمئنان إلى مستقبل ضامن لمّا تجاهل المسؤولون مشاركتهم في همومهم وإيجاد حلول لكل ما يهدّد مصيرهم فيهبّون مطالبين بمحاسبة المسؤولين المستبدّين في زمن انحلال؟ ولأبنائنا مثال استمرار إحباط مهين لأصحاب حراك “سلسلة الرتب والرواتب” التي نامت في صناديق الوعود الكاذبة والتأجيل واللامبالاة… فالخزينة فارغة… من سرق قطع الحلوى في الخفاء؟
ولا بأس لو انضم إلى أهل الحراك بعض أهل شغب يُشبهون مَن تبادل معهم العنف المؤذي في حوار صاخب بالعداء وحب الانتقام. ولا بأس أن تُغرق المياه الغزيرة ساحات بيروت بتظاهراتهم، ولا بأس بالقنابل المسيّلة للدموع، فقد اعتادت عيون الشعب دموع القهر والاضطهاد. لسنا أهل ديموقراطية، وحكّامنا أهل شِقاق ونِفاق، وأبناؤنا من غير زمنهم، ولن ينظروا إلى الوراء بعد اليوم.