Site icon IMLebanon

صورتان

صورتان.. وتختصر هاتان الصورتان واقع لبنان والمنطقة بحذافيره، الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مستقبلاً الدكتور سمير جعجع المرشح الرئاسي وبتكريم على مستوى استقبال رئيس جمهوريّة ـ وهذا الاستقبال حرق قلب الممانعة وأبواقها ـ، والثانية صورة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله يقبّل يد مرشد الجمهوريّة الإيرانيّة على الخامنئي، والفارق بين الصورتيْن شاسع واسع، الأولى لبنان فيها سيد حر مستقل، ودولة معترف بها ككيان قائم بذاته، والثانية تبعيّة وانخراط مميت وقاتل للبنان وشعبه في أجندة الخامنئي النووية وحروبها الإقليمية، وما بين المشهديْن علينا أن نقرّر أيّ لبنان نريد، وحتى لا يسارع أحدٌ ما ويدّعي أنّ تقبيل نصرالله ليد الخامنئي هو أمر ديني، نودّ أن نسأل: «هل قرأتم أو سمعتم يوماً أنّ أحداً قبّل يد الإمام عليّ وابنيْه الإمامان الحسن والحسين وهما سبطا رسول الله صلوات الله عليه حتى يرضى عنّا»، وكفى؟!

وبصرف النظر عن انشغالات الداخل اللبناني «النفايتيّة»، لقد حيّرتنا مجموعة صحافيي الممانعة وإيران، في قراءتها المتناقضة لزيارة الدكتور سمير جعجع إلى المملكة العربية السعودية فهي مرة جاءت بسبب «انزعاج المملكة من ورقة إعلان النوايا [القواتي ـ العوني] وعملها لإضعاف وجه لبنان المسيحي ـ الاسلامي» وهي مرّة أخرى تدعي أنّ سبب الزيارة هو «تثبيت الوجود المسيحي في الشرق»!!

والسّهام طالت أيضاً المملكة مباشرة فبَرَتْ أقلامها خيالات مريضة تضلل الرأي العام بالقول «الرياض لا تظهر سوى رغبة في المزيد من المواجهة، من عدن إلى بيروت»، وأنّ «الرياض اتخذت قرار التصعيد في وجه إيران وحلفائها، على كل جبهات الاشتباك بينهما»، وهنا على القارئ أن يسأل نفسه من الذي يمتلك على الأرض ميليشيات تشعل الحروب وتنقلب على شرعية الدول وتمارس أعتى أنواع المذهبيّة أهي إيران أم السعودية؟ كم مرّة شاهدنا صورة لمسؤول استخباراتي سعودي سواء في العراق أم لبنان أم في العراق، وكم مرّة شاهدنا صور قاسم سليماني مسؤول فيلق القدس يخوض الحروب من سوريا إلى العراق إلى لبنان؟! وعلينا أن نتساءل: من هي الميليشيات التي تملك السلاح؟ أليست الميليشيات الشيعية الإيرانيّة؟ وأين هي الميليشيات التي ستخوض بها السعودية التصعيد في المنطقة؟!!

أَعْيَت الحيلة كتّاب الممانعة، أسقط في أيديهم لدرجة احتاجوا معها لإنتاج كميّة كبرى من الخيال المريض فتوصلوا إلى خلاصة مفادها: «اتفق الرجلان [سعد الحريري ـ وليد جنبلاط] على المضي في معركة كسر الجنرال، في ملف التعيينات تحديداً. جرى اللقاء بينهما قبل أن يستقبل حكام الرياض جعجع استقبال رئيس للجمهورية، وهو ما أدى إلى امتعاض كل من رئيسيْ تيار المستقبل والحزب الاشتراكي. الحريري المنفي طوعاً إلى جزيرة العرب لا يزال ينتظر تعاملاً سعودياً معه شبيهاً بما فاز به حليفه جعجع. وجنبلاط يمنّي النفس بمواعيد له مع أعضاء الصف الأول في الحكم السعودي»، خيالٌ ضربَ كل الحلفاء بحجرٍ واحد، ولكن… هيهات.

صورتان تحسمان واقع لبنان، وعلى كلّ لبناني أن يختار، هل يريد لبنان في صورة خادم الحرمين الشريفيْن الملك سلمان والدكتور سمير جعجع، حيث يتصافح الرجلان، أم يريد لبنان الـ»ولاية إيرانيّة» التي سبق وأعلنته طهران «جزء منها» كما في صورة حسن نصرالله وقبلة التبعيّة على يد «علي الخامنئي»، نحن نريد صورة لبنان كما نصّت عليها الفقرة ب من المبادئ العامّة لمقدّمة الدستور اللبناني: «لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها»، وهذا الـ»لبنان» جسّدته قبل أيام صورة خادم الحرمين الشريفين مستقبلاً المرشح الرئاسي، اللبناني المسيحي الماروني، قائد القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع، مستقبل لبنان، والمنطقة والشرق المسيحي ـ الإسلامي في هذه الصورة، فقط…