IMLebanon

فعاليتان في بيروت تزامن في التوقيت.. تكامل في الأهداف

 

للسنة الثالثة على التوالي ينعقد في بيروت، وفي أواخر تموز/يوليو 2018، المؤتمر القومي العربي في دورته التاسعة والعشرين في 27 و28 تموز/يوليو2018، والمنتدى العربي الدولي الرابع من أجل العدالة لفلسطين في 29 تموز/يوليو 2018، في تزامن يتعدّى التقارب في المواعيد الى جملة معان ودلالات أخرى…

أوّل هذه المعاني والدلالات انعقاد الفعاليتين في أجواء إحياء الذكرى المئوية لميلاد الرئيس الخالد الذكر جمال عبد الناصر، الذي وإنْ تباينت الآراء في تقييم تجربته، إلا أن هناك إجماعاً على أن هذا القائد قد مثّل مرحلة بالغة الأهمية في حياة حركة التحرر العربية والعالمية، وكان رمزاً لتلاقي الحركة القومية العربية المعاصرة مع النضال من أجل فلسطين التي خاضت الأمة بقيادة عبد الناصر عدة حروب ضد محتليها وغاصبيها…

وثاني المعاني والدلالات هو انعقاد الفعاليتين في العاصمة اللبنانية في أجواء الذكرى الثانية عشرة لانتصار لبنان المقاوم على العدوان الصهيوني عام 2006، وهو انتصار جاء بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000، ليؤكد صدقية المقولة التي أطلقها الرئيس  جمال عبد الناصر بأنّ «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة» وإن «المقاومة وُجِدَتْ لتبقى وستبقى وتنتصر».

وثالث المعاني والدلالات أيضا إن الفعاليتين تنعقدان كتعبير عن تلازم تاريخي وعضوي بين العروبة وفلسطين، فكل عروبة لا تكون فلسطين بوصلتها هي عروبة مزيّفة، وكل نضال من أجل فلسطين لا يكتسب بعده العروبي الأوسع هو نضال متعثر وعاجز عن تحقيق أهدافه…

ورابع المعاني والدلالات هو أنّ الفعاليتين اللتين تضمان العديد من الشخصيات العربية في الأولى، ويضاف إليها شخصيات دولية في الثانية، تنعقدان في أجواء مرحلة تاريخية مضيئة في حياة الشعب الفلسطيني، متمثّلة بمسيرات العودة على تخوم غزّة، وفي قلب الضفة والأراضي المغتصبة عام 1948، وفي القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، وبالتالي فهما مدعوتان لوضع ملامح التلاحم العربي والدولي مع انتفاضة الشعب الفلسطيني بما يمكنّها فعلاً من أن تدحر الإحتلال وتصيب المشروع الصهيو – استعماري في الصميم…

أما خامس هذه الدلالات فهو أنّ هاتين الفعاليتين تنعقدان وسط معركة كبرى تخوضها الأمة، ومعها العالم بأسره، بين مشاريع تفتيت وتمزيق وهيمنة صهيو – استعمارية تسعى لتدمير الوطن العربي بأقطاره الرئيسية، وانطلاقاَ من فلسطين بالأمس والعراق وسوريا واليمن ومصر وليبيا اليوم، وبين إرادة مقاومة تتجلّى، في أكثر من جبهة وتُعيد صياغة موازين القوى في الأقليم، كما في العالم، وبالتالي فإنّ للمناقشات والمداولات التي ستدور فيهما، وللتوصيات التي تصدر عنهما، دوراً في صياغة رؤى مستقبلية تربط مواجهات الحاضر بآفاق المشروع النهضوي الحضاري للآمة…

سادس هذه الدلالات فهو، إنّ هاتين الفعاليتين تمثلان حالة متميّزة  في الواقع الشعبي العربي  وهي حالة الاستقلالية السياسية والفكرية والمالية عن كل الاستقطابات القائمة، فلا تستطيع دولة أو نظام أو جهة الادعاء بأنّها تسيّر هذه الحالة، رغم إدراك القيّمين على التجربتين كلفة هذه الاستقلالية على كل المستويات والحصار المتعدّد الأشكال التي واجهتهما، ولا تزال من أصحاب عقلية «إذا لم تكن معنا فانت ضدنا»،

المشاركون في المؤتمر، كما في المنتدى، سيحضرون في غالبيتهم الساحقة على نفقتهم الشخصية، سفراً وإقامة، فيما يتكفّل أعضاء الهيئتين بتحمل باقي النفقات اللوجستية عبر اشتراكاتهم وتبرعاتهم، التي تشح تدريجياً بسبب الضغوط التي يتعرض اليها بعض المتبرعين…

إذن، نحن أمام فعاليتين متزامنتين في التوقيت، متكاملاتان في الأهداف، متشابهتان في التطلعات، يضعان يدهما على القضيتين الأكثر استهدافاً من  قبل أعداء الأمة وهما العروبة كهوية حضارية ثقافية جامعة تحصن مجتمعاتنا من العصبيات المدمرة ، وفلسطين كهوية نضالية كفاحية تحصن وطننا من الغزو الصهيو – استعماري المتواصل…