IMLebanon

ملفان لبنانيان يحتاجان المتابعة مع واشنطن

 

خلال جولته في أيار الماضي على أعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركي، بهدف خلق لوبي بينهم متفهم لطلب لبنان ان لا يطاول مشروع قانون العقوبات الاميركي الجديد على حزب الله، اطرافاً سياسية وقطاعات مصرفية واقتصادية لبنانيّة أُخرى، عاد الوفد النيابي اللبناني آنذاك بمجموعة انطباعات، أو استنتاجات، أساسية لا تزال صالحة للتوقف عندها حتى الآن، بل لا تزال صالحة للأخذ في الإعتبار لدى درس لبنان الموقف الأميركي إزاء أمورٍ حيوية ستواجهه في المرحلة المقبلة.

هذه الاستنتاجات استخلصها الوفد النيابي، ليس فقط من خلال معطيات لمسها هناك، بل من نصائح مباشرة قدمها له أكثر من سيناتور أميركي يشتركون في أنهم يتمتعون بسمتين اثنتين، الأولى أنهم فاعلون ومؤثرون داخل كل من الكونغرس وإدارة الرئيس دونالد ترامب، والثانية انهم متفهمون موقف لبنان.

أما ابرز هذه الاستنتاجات فقد افاد أن من المهم جداً التعاطي مع الإدارة الاميركية الجديدة، والكونغرس الاميركي تحديداً، بكثير من الحذر، كون الامور في كواليس القرار فيهما، قد تتغير سريعاً، لذا ينبغي الحفاظ على اتصالات لبنانيّة مستمرة مع أعضاء الإدارة الاميركية والكونغرس لمواكبة التطورات، خصوصاً ان الظروف الدولية والاقليمية تبدو متأزمة وتوحي بوجود اتجاه اميركي الى ممارسة ضغوط اكبر على «حزب الله» في المستقبل.

وعليه فإن النصيحة المحددة التي يقول بها هذا الإستنتاج تتمثل في ضرورة التواصل اللبناني مع الكونغرس والادارة الاميركية، وتحديداً في شأن ملفين يُتَوقع تفاعلهما خلال المرحلة المقبلة، وهما ملف الغاز والنفط اللبناني، وملف العقوبات على حزب الله المندرجة ضمن ما يعرف في الكونغرس بـ«قانون منع التمويل الدولي لحزب الله».

الغاز والنفط

عندما عاد الوفد النيابي اللبناني من جولته الاميركية في أيار الماضي، حمل معه الى بيروت نصف خبر سار في مقابل نصفه الآخر الذي يدعو للحذر، وفحوى هذا الامر يتعلق بقضية حيوية يتوقع ان تتفاعل خلال السنة الجديدة.

والمقصود هنا مسألة رسم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، حيث اكد عدد من الاعضاء الجمهوريين في الكونغرس الاميركي الذين التقاهم الوفد اللبناني حينها ان ادارة ترامب قد تكون راغبة وقادرة على لعب دور أكبر بالتوسط بين بيروت وتل أبيب لإطلاق عملية ترسيم الحدود البحرية، وذلك بالإستناد الى واقع أن علاقة الإدارة الاميركية الجديدة باسرائيل هي أفضل بما لا يقاس بالعلاقة التي كانت تجمع إدارة أوباما بها.

ولكن في المقابل فإن إدارة ترامب لن تكون مستعدة لممارسة أي ضغط على الامم المتحدة للتوسط أو القيام بأي دور في عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.

ويشي توجه ادارة ترامب هذا بالاستجابة لطلب اسرائيلي ببدء عملية التنقيب والاستخراج على ضفتي حقول الغاز والنفط البحرية اللبنانية ـ الاسرائيلية من دون السير في حل مسألة ترسيم الحدود. ويتم تسويغ هذا الامر داخل الكونغرس من خلال اشاعة مقولة اسرائيلية بين اعضائه تفيد ان نسبة 80 في المئة من الغاز اللبناني موجود في المناطق غير المتنازع عليها مع اسرائيل.

غير مصادر مواكبة لتفاعل ملف الغاز والنفط اللبناني داخل الكونغرس، تؤكد ان لبنان يملك ازاء موقف ادارة ترامب هذا، اوراق قوة لمصلحته داخل مجلسي الشيوخ والنواب الاميركيين، تتمثل بموقف السناتور مارك ميادوزالذي يملك كتلة من 15 نائباً جمهورياً داخل مجلس النواب الأميركي، وهي كتلة تمتاز في أنها تصوت ككتلة واحدة، ما يجعل اقتراعها يحدد نتيجة الفوز لأي مشروع قرار يطرح على مجلس الشيوخ.

وكان نواب من الوفد النيابي، نقلوا خلال زيارتهم لواشنطن في أيّار الماضي عن ميادوز الذي يعتبر صاحب نفوذ على ادارة ترامب، اهتمامه بمساعدة لبنان على ترسيم حدوده البحرية مع اسرائيل وذلك من خلال تبرعه بالضغط على الادارة الاميركية لتمارس ضغطاً على الامم المتحدة كي تتوسط في هذا الشأن.

وتؤشر معلومات متصلة الى اهمية استثمار لبنان موقف ميادوز الايجابي، ذلك ان واشنطن ستبرز في الفترة المقبلة بصفتها «مايسترو الادارة السياسية الدولية» للغاز والنفط في لبنان، نظرا لأن موسكو ليست مهتمة بالقيمة التجارية لإنتاج لبنان من الغاز والنفط الذي تقدر ارقام اميركية حجمه في بئري 4 و9 ب 3،5 مليون طن مكعب من الغاز و230 مليون طن من النفط، وهو حجم بسيط في مقابل ما ستجنيه موسكو من الساحل السوري. وسبب مشاركة روسيا في التنقيب عن الغاز اللبناني هو رغبتها في اثبات وجود ليس أكثر.

العقوبات على «حزب الله»

في مجال العقوبات على حزب الله، فإن تطورات هذا الملف سارت خلال الشهر الماضي على نحو ايجابي، وذلك من زواية ان الهيئة العامة في مجلس النواب الاميركي أقرت بالاجماع القانون الخاص بهذه العقوبات معدّلاً، وذلك بعد ان توافقت لجنة الشؤون الخارجية في المجلس على عدم ذكر مسؤولين سياسيين لبنانيين في نصه، لكن ما يدعو الى القلق في هذه النقطة هو أنه ضُمّ الى هذا القانون كملحق تقرير آخر يتضمن نقاشات اللجنة التي ذُكِرت فيها أسماء هؤلاء المسؤولين الذين بينهم شخصيات رسمية عليا في لبنان وحركة «أمل» و»التيار الوطني الحر».

ويبقى من المهم الاشارة في هذا المجال الى ان صيغة القانون التي اقرها مجلس النواب الاميركي الشهر الماضي (2017 HIFPA) مع تعديلاتها باتت تخلتف عن تلك التي اقرت في مجلس الشيوخ، الا ان الصيغتين بعد التعديلات التي ادخلت عليهما، لاتزال امامهما خطوة اجرائية اخرى ستتمثل في عمل الكونغرس على توحيد الصيغتين ليصادق في مجلسي الشيوخ والنواب على صيغة موحدة قبل ان يوقعها ترامب.

وضمن هذه العملية الاخيرة تبقى هناك امكانية لإضافة بنود اخرى على مشروع القانون في صيغته النهائية، قد يمليها، بحسب مصادر، وجود اتجاهات في الكونغرس لإقتراح فرض مزيد من الضغوط على حزب الله قبل الانتخابات النيابية في ايار المقبل وذلك تحت عنوان «تكبيل القوى السياسية» التي تريد التعاون معه او مساندته اثناء الحملة الانتخابية.