IMLebanon

شهران لإنتاج رئيس «صُنع في لبنان»

 

تنتهي فترة السماح الدولي للأقطاب السياسيّين الموارنة لجهة دعوتهم إلى التوافق في ما بينهم على اختيار رئيس للجمهورية، في نهاية شهر أيلول المقبل. وبعد هذا التاريخ سيكون عليهم القبول بمرشّح مسَمّى دوليّاً للرئاسة، سينزل عليهم بالمظلّة، ولن يكون في مقدورهم التحَفّظ عنه.

هذه الرسالة الصادرة عن دولة وازنة وفاعلة، هي في طريقها إلى المعنيّين بها في لبنان، إنْ لم تكن قد وصَلت فعلاً. وتقول مصادر على صِلة بناقلِها، إنّ فترة السماح الدولي لإبقاء الرئاسة اللبنانية شاغرة قارَبت النفاد، وإنّ السقف الزمني الذي يفصل بين نهاية مرحلة إدارة المجتمع الدولي ظهرَه لهذه القضية لانشغاله بأولويات خارجية ولبنانية أخرى (الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي)، وبين بَدء مرحلة التدخّل الدولي الضاغط لانتخاب رئيس للجمهورية مُسَمّى دولياً، لا تتعدّى الشهرين حَدّاً أقصى.

وتقول جهات مطّلعة على أجواء هذه الرسالة أنْ في حال نفِدَ وقت المهلة الدولية المستقطعة والمحدّدة في نهايات أيلول، ولم يتمّ التوافق لبنانياً على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإنّ المرجّح أن تتمّ تسمية رئيس يمتاز بأنّه «توافقي»، أو بحسَب اصطلاح مرادف «معتدل»، وأنّ الحظوظ ستكون مؤاتية أكثر لرئيس من البيئة العسكرية.

ما الذي تغيَّر؟!

أوّلاً- بيئة القرار الدولي والإقليمي التي انتقلت إزاء تعاملِها مع أزمات المنطقة من استراتيجية الحفاظ على «الستاتيكو» إلى استراتيجية تحريك المبادرات في اتّجاهها وإطلاق حبّات سُبحة إنهاء تعقيداتها الواحدة تلوَ الأُخرى.

ثانياً- تعاظم الحراك الاقليمي والدولي لدفعِ الأزمة السورية الى مناخ حلول، ويتمّ في هذا الإطار إنشاء صِلة بين الأحداث في سوريا والوضع الداخلي اللبناني.

وثمَّة في الواقع قراءتان أو تحليلان لسبب تحديد توقيت نهاية أيلول موعداً لانتهاء «فترة السماح الدولية» لإنتاج رئيس «صُنع في لبنان»:

الأولى تفيد أنّ انتقاء هذا التوقيت يمثّل محاولة استباقية من الدولة الموجّهة لهذه الرسالة، لفصلِ إنتاج الانتخابات الرئاسية في لبنان عن إمكانية جعلها ورقةً في لعبة مقايضات كبرى منتظَر أن تبدأ مطلعَ الشتاء المقبل، بين إقليميين مدعوّين إلى الإنخراط في عملية تفاوض مباشرة أو بالواسطة حول أدوارهم في المنطقة.

بكلام آخر، تتوخّى مقاصد الجهة المطلِقة هذه الرسالة تمريرَ إنتاج فخامة الرئيس اللبناني من خارج مقايضات أزمات المنطقة.

القراءة الثانية تطرَح احتمالاً ثانياً معاكساً، وهي أنّ نهايات أيلول ستشهد بَدء المقايضات الإقليمية والدولية حول مجمَل أزمات المنطقة من سوريا إلى اليمن، وعند هذه النقطة لا يعود للّبنانيين أمام بَدء مرحلة الحلول الكبيرة سوى القبول بـ»الوحي الخارجي» وتقبُّل مرشّح ربع الساعة الدولية الأخير.

ويلاحَظ في هذا السياق أنّ الآونة الأخيرة حفلت برسائل غربية للمعنيّين بالوضع اللبناني على المستويات السياسية والاقتصادية، وكلّها تنطوي على تحذيرات من مغبّة ارتكاب أخطاء، أو»دعسات ناقصة» سياسية أو اقتصادية أو أمنية، تضرّ بـ»استقرار لبنان» الذي ثبتَ بالتجربة أنّ الدوليين يعتبرونه «خطّاً أحمر بامتياز».

وأحدثُ المعلومات التي لا يزال يعوزها تأكيد، تحدّثَت بحسب ما نسَبتها شخصيات لبنانية إلى مصادر غربية، عن وجود قلق لدى دوائر غربية معنيّة بلبنان من أن تكون هناك جهات لبنانية تحاول المسَّ برصيد الذهب في مصرف لبنان المركزي، تحت عنوان سداد نقص في موازنة الدولة لتسديد مستحقّات داخلية، أو غيرها من التبريرات.

وتُظهِر مثل هذه الإشارات الدولية التي تكثّفَت أخيراً، ويتمّ إيصالها إلى لبنان ومسؤوليه السياسيين بطرُق شتّى، أنّ البلد يقع الآن تحت مجهر المراقبة الدولية، أو أنّ العناية الدولية به، بدأت تعود إليه، وذلك ضمن إطار هبوب مناخات الحلول والتوافق الدولي والإقليمي على إدارة أزمات المنطقة وإخراجها من عنق زجاجة جنون الإرهاب والفوضى.