في مقدمة عن ريمون إده في الموقع الذي يحمل اسمه نقرأ الآتي: “تميّز العميد ريمون إدّه عن كل السياسيين بشجاعته وقدرته على تسمية الأشياء بأسمائها من دون مواربة. ولم تقتصر هذه الشجاعة على الإدلاء بالتصريحات ذات النبرة العالية والتي وجّهها العميد إلى خصومه السياسيين بل تعدّتها إلى قول الحقيقة كما يراها صائبة حتّى لو كانت جارحة بحقّ أصدقائه وحلفائه. وبالتالي، كان ريمون إدّه يحكّم عقله لا قلبه كلّما أدلى بتصريح أو أجرى مقابلة أو سئل عن احد الأصدقاء أو الخصوم، فكان صاحب النقد البنّاء والنبرة المحاسبة واللغة القاسية لأنّه لم يعتد المسايرة أو المساومة بمواقفه التي بقيت ثابتة لا تتغير”.
لعلّ هذا التقديم يكفي لتذكّر “العميد” في الذكرى الخامسة عشرة لوفاته، او للتعرف اليه لمن لم يعرفه. والكلام فيه وعنه لا مبالغة فيها أو تحبب او تجميل، فريمون اده كان كل ما قيل، وأكثر.
واذ نتذكره اليوم، نأسف للحال التي بلغها المجتمع المسيحي على الصعيد السياسي، اذ يكاد يبلغ القعر مع طغيان المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة التي هوت من عليائها، لا بنية سيئة دائما، بل بافتقاد الرؤية والثبات في المواقف والقيم. واذا كانت السياسة غالباً ما تفتقد القيم، فإن ريمون اده خالف هذا التوجه، ومضى عكس السير، ويهوى البعض القول إنه خسر رهان قيامة البلد، لكنه كان صادقا متصالحا مع نفسه ومع المبادىء الوطنية، ولم يخسر لأن الدول والمجتمعات تحتاج الى صخر تبنى عليه.
وثمة رفيق لريمون اده يحيي هذا الاسبوع عيد ميلاده الخامس والتسعين، متمسكاً بالقيم الإنجيلية والوطنية والانسانية، وقد أمدّ الله بعمره ليشهد اندحار الاحتلالات عن لبنان، ووضع اللبنة الاولى في مسيرة بناء الدولة. وله الفضل في كل ذلك، في ايمانه كان أقوى من اليأس والاحباط والتراجع والخوف. انه البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك الاستقلال والمصالحة الوطنية. فكم جميل للبنان ان يرفع رأسه وفي سجلاته اسم البطريرك صفير اطال الله بعمره ذخرا ورمزاً، واسماء كبار مثل ريمون اده، وشهداء واحياء ثابتون في حبهم للبنان حتى لو كلفهم ذلك اثماناً باهظة وأحياناً حياتهم.