IMLebanon

جلجلتان لا جلجلة واحدة !

لا مجال لتهرُّب أيّ بلد، أو أيّ فريق من أفعاله وأدواره على صعيد الحروب العربيَّة ووقائعها، كما المساهمين في ما أنتجته وتنتجه من خراب، ودمار، ودماء، وأهوال، وأحقاد، ورواسب طائفيَّة ومذهبيَّة.

إن لم يكن اليوم فغداً، أو في يوم في شهر في سنة. ليس في الإمكان تغطية السماوات بالأبوات. كلّهم جميعهم معروفون بالأسماء الثلاثيَّة، والانتماءات، والصفات…

صحيح أن لبنان ليس موجوداً كبلد ودولة على خريطة الحروب المنتشرة في المنطقة العربيَّة، على رغم اندماج “حزب الله” في معظمها، إلا أنه يدفع ضريبة عالية الرقم. ومباشرة. وعلى خطين متوازيين يلتقيان دائماً: إيران و”حزب الله”.

ولا حاجة هنا إلى شرح وتفسير لعوامل الفراغ السياسي، وتعطيل الدولة والمؤسسات العامّة والخاصّة، كما تعطيل دورة الحياة الطبيعيَّة في كل أرجاء هذا اللبنان الذي لم يعرف قادته ومسؤولوه والمتزعّمون، الذين أفرزتهم الحروب واللخبطات في المنطقة، كيف يحافظون عليه كالرجال… مع أنهم لم يذرفوا دمعة عليه.

واقعيّاً، ثمّة ملايين وآلاف من النازحين واللاجئين وجدوا في هذه “الزاوية” الهادئة نسبياً ما يُشبه “اللطْوَة”، أو الملجأ الموقت. إنما الحكاية المعقَّدة ليست هنا، ولا هي موضوع الساعة.

بالنسبة إلى الفراغ الرئاسي، اعترف المجتمع الدولي، كما اعترفت الشرعيَّة الدوليَّة، بوجوده في “حوزة طهران”. ومن باب المساومة في مفاوضات النووي، ولاستعمال هذه “الورقة” أيضاً في موضوع اليمن كما في المأزق السوري، فالعراقي، إلخ…

لكن ما حدث في اليمن، ذهاباً وإياباً قبل “عاصفة الحزم” وبعدها، تجزم مراجع عريقة أنه سيؤسِّس لمتغيِّرات وتطوّرات في المنطقة بأسرها. وليس مستبعداً أن تكتشف طهران متأخّرة طبعاً أن طموحاتها وأحلامها ومغامراتها المنفلشة قد عادت عليها بنتائج سلبيّة، كانت تتوقّع عكسها. باستثناء فوزها باتفاق مع أميركا قد يرفع عن كاهلها أعباء جزء من العقوبات وتدريجاً.

لا موجب للتسرُّع في إطلاق التحليلات والتفسيرات لقرار إنهاء “عاصفة الحزم”. والمستعجِلون سيضطرُّون لاحقاً إلى الاعتذار لأنفسهم على الأقل، حين يظهر الخيط الدولي الأبيض من الخيط الإقليمي الأسود.

ثمّة مَن ينصح بالتريّث، حتى بالنسبة إلى الفراغ الرئاسي في لبنان و”الخبصة” الكارثيَّة في سوريا. فقد لا تتأخَّر بالظهور العلامات والمؤشِّرات لمتغيِّرات فعليَّة، على صعيد المنطقة بكل أزماتها وحروبها. مع عدم استبعاد مستجدَّات على الخطّ السوري، ستكون مختلفة كليّاً عمّا انوعد به البعض، أو عما وَعَد هذا البعض نفسه به.

يبقى، في خلاصة هذا العرض الواقعي لا بدَّ من تطمين اللبنانيين إلى أن جلجلتهم لم تعُد طويلة، بعكس جلجلة المنطقة.