يتوافر إجماع وطني، في الظاهر، على عدم تأجيل الإنتخابات النيابية العامة المقررة في شهر أيار من العام 2018 المقبل. كما يستبعد تقديم موعدها. حتى إن الرئيس نبيه بري صاحب مشروع تقديم موعد الإنتخابات لم يعد متمسّكاً بهذا المشروع، كما بات واضحاً وبلسان دولته مباشرة.
وبما أنّ الإستدراك ضروري، فثمة اقتناع آخر شبه عام بأن الإنتخابات قد لا تُـجرى في موعدها، وبالتالي سيكون البلد أمام حتمية التأجيل، وذلك فقط في حالين طارئتين، فيتوافق توقيت واحدة منهما أو الإثنتين معاً مع توقيت إجراء الإنتخابات. والحالان هما:
الأولى: حصول عدوان إسرائيلي كبير يؤدي الى دمار وشهداء كثيرين.
ما جدّية هذا الإحتمال؟
الجواب يتعذّر تحديده منذ اليوم، فقط يمكن القول: إنّه مستبعد ولكنه غير مستحيل. فإذا أخذنا في الإعتبار ما يعلنه العدوّ الإسرائيلي يومياً تقريباً عن الإستعدادات العسكرية التي يتخذها ويراكمها، وعن الخطط العسكرية التي يضعها، وعن التدريبات التي يعتمدها، وعن المناورات التي يجريها وتحاكي حرباً في جنوب لبنان، وبلغ الأمر في هذه المناورات حدّ إقامة نماذج حقيقية لغير منطقة ولغير بلدة وقرية جنوبية… إذا أخذناه في الإعتبار لما استبعدنا التأجيل.
فهذه كلّها ليست عبثية، ولا هي، فقط، استعراضية، ولا هي كذلك مجرد تدريبات ومناورات تقتضيها الضرورات العسكرية.
ولكن وفي المقابل ليس مستبعداً أن يكون ذلك كله يدخل في إطار الحرب الإعلامية بهدف توفير مناخ ضاغط على حزب اللّه كي لا يقدم على خطوة من شأنها أن تؤدي الى إندلاع قتال ضار، سيكون هذه المرّة أشدّ وأبعد مدى من عدوانات إسرائيل السابقة على لبنان، بما فيها حرب 2006. علماً أن إسرائيل لا تحتاج الى ذرائع لتعتدي.
الحال الثانية: استقالة فجائية للحكومة، قبيل موعد إجراء الإنتخابات بأيام، ما يكون من شأنه أن يطيح الإنتخابات ويفرض تأجيلاً قد يكون موقتاً (بين ستة أشهر وسنة) ويُسمى »التأجيل التقني«، على غرار التأجيل الأخير (التمديد الثالث للمجلس النيابي الحالي) الذي أطلقوا عليه تسمية »التقني« مع أنه كان لسنة كاملة بأشهرها الإثني عشر. وكانت الذريعة، يومذاك، الوقت الذي سيستغرقه إنجاز البطاقة الممغنطة، والبطاقة البيومترية. ليتبين، الحين، أن المعترضين على اعتماد هذه البطاقة المقررة في قانون الإنتخاب على النسبية، هم أكثر من المؤيدين.
ما جدّية إحتمال تأجيل الإنتخابات واللجوء الى تمديد رابع لهذا المجلس النيابي المحظوظ؟
المنطق يقول إنّ هذا الإحتمال مستبعد… وانه ربما يكون غير وارد على الإطلاق. أما تعديل قانون الإنتخابات لجهة البطاقة الممغنطة والإستعاضة عنها ببطاقة الهوية أو جواز السفر فأمر وارد واحتمالاته كبيرة وإن لم تكن حاسمة.
وفي المعلومات أنّ الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ليسا في وارد التأجيل، أما الرئيس نبيه بري فيركّز على رفض التمديد بقوة في سلسلة مواقف تكرّرت بضع مرات في الأيام الأخيرة!.
… ولكن ليس تحت شمس لبنان من مستحيل!.